(أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (١٥) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا (١٦) وَاللَّهُ أَنبَتَكُم مِّنَ الْأَرْضِ نَبَاتًا (١٧) ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيهَا وَيُخْرِجُكُمْ إِخْرَاجًا (١٨) وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِسَاطًا (١٩) لِتَسْلُكُوا مِنْهَا سُبُلًا فِجَاجًا) (٢٠)
والرجاء هنا الخوف لأنّ مع الرجاء طرفا من الخوف ومن اليأس ، والوقار : العظمة ، أو لا تأملون له توقيرا أي تعظيما. والمعنى ما لكم لا تكونون على حال تأملون فيها تعظيم الله إياكم في دار الثواب (وَقَدْ خَلَقَكُمْ أَطْواراً) في موضع الحال ، أي ما لكم لا تؤمنون بالله والحال هذه ، وهي حال موجبة للإيمان به ، لأنه خلقكم أطوارا أي تارات وكرّات ، خلقكم أولا نطفا ، ثم خلقكم علقا ، ثم خلقكم مضغا ، ثم خلقكم عظاما ولحما.
نبههم أولا على النظر في أنفسكم لأنها أقرب ، ثم على النظر في العالم وما سوّي فيه من العجائب الدالة على الصانع بقوله :
١٥ ـ ٢٠ ـ (أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللهُ سَبْعَ سَماواتٍ طِباقاً) بعضا (١) على بعض (وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُوراً) أي في السماوات ، وهو في السماء الدنيا لأن بين السماوات ملابسة من حيث إنها طباق وجاز أن يقال فيهنّ كذا وإن لم يكن في جميعهن ، كما يقال في المدينة كذا وهو في بعض نواحيها. وعن ابن عباس وابن عمرو رضي الله عنهم أن الشمس والقمر وجوههما مما يلي السماوات وظهورهما مما يلي الأرض (٢) فيكون نور القمر محيطا بجميع السماوات لأنها لطيفة لا يحجب نوره (وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِراجاً) مصباحا يبصر أهل الدنيا في ضوئها كما يبصر أهل البيت في ضوء السراج ما يحتاجون إلى إبصاره ، وضوء الشمس أقوى من نور القمر ، وأجمعوا على أنّ الشمس في السماء الرابعة (وَاللهُ أَنْبَتَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ) أنشأكم ، استعير الإنبات للإنشاء (نَباتاً) فنبتم نباتا (ثُمَّ يُعِيدُكُمْ فِيها) بعد الموت (وَيُخْرِجُكُمْ) يوم القيامة (إِخْراجاً) أكده بالمصدر أي أيّ إخراج (وَاللهُ جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ بِساطاً) مبسوطة (لِتَسْلُكُوا مِنْها) لتتقلبوا عليها كما يتقلب الرجل على بساطه (سُبُلاً) طرقا (فِجاجاً) واسعة أو مختلفة.
__________________
(١) في (ز) بعضا.
(٢) ابن مردويه وعبد الرزاق والطبري.