(إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ قَوْلًا ثَقِيلًا (٥) إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْءًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (٦) إِنَّ لَكَ فِي اَلنَّهَارِ سَبْحًا طَوِيلًا (٧) وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا) (٨)
قليلا أنه يلزمه أكثر من نصف الألف (وَرَتِّلِ الْقُرْآنَ) بيّن وفصّل ، من الثغر المرتل أي المفلج (١) ، أو اقرأ على تؤدة بتبيين الحروف وحفظ الوقوف وإشباع الحركات (تَرْتِيلاً) هو تأكيد في إيجاب الأمر به وأنه لا بد منه للقارىء.
٥ ـ (إِنَّا سَنُلْقِي عَلَيْكَ) سننزل عليك (قَوْلاً ثَقِيلاً) أي القرآن ، لما فيه من الأوامر والنواهي التي هي تكاليف شاقة ثقيلة على المكلّفين ، أو ثقيلا على المنافقين ، أو كلاما (٢) له وزن ورجحان ليس بالسفساف الخفيف.
٦ ـ (إِنَّ ناشِئَةَ اللَّيْلِ) بالهمز سوى ورش ، قيام الليل عن ابن مسعود رضي الله عنه ، فهي مصدر من نشأ إذا قام ونهض على فاعلة كالعافية ، أو العبادة التي تنشأ بالليل أي تحدث ، أو ساعات الليل لأنها تنشأ ساعة فساعة. وكان زين العابدين (٣) رضي الله عنه يصلي بين العشاءين ويقول : هذه ناشئة الليل (هِيَ أَشَدُّ وَطْئاً) وطاء وفاقا شامي وأبو عمرو ، أي يواطىء فيها قلب القائم لسانه. وعن الحسن : أشدّ موافقة بين السر والعلانية لانقطاع رؤية الخلائق. وغيرهما وطأ أي أثقل على المصلي من صلاة النهار لطرد النوم في وقته ، من قوله صلىاللهعليهوسلم : (اللهم اشدد وطأتك على مضر) (٤) (وَأَقْوَمُ قِيلاً) وأشدّ مقالا وأثبت قراءة لهدوء الأصوات وانقطاع الحركات.
٧ ـ (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) تصرفا وتقلبا في مهماتك وشواغلك ففرّغ نفسك في الليل لعبادة ربّك ، أو فراغا طويلا لنومك وراحتك.
٨ ـ (وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ) ودم على ذكره في الليل والنهار ، وذكر الله يتناول التسبيح والتهليل والتكبير والصلاة وتلاوة القرآن ودراسة العلم (وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ) انقطع إلى عبادته عن كلّ شيء. والتبتل : الانقطاع إلى الله تعالى بتأميل الخير منه دون غيره. وقيل رفض الدنيا وما فيها والتماس ما عند الله (تَبْتِيلاً) في اختلاف المصدر زيادة
__________________
(١) المفلج : المتباعد ما بين الثنايا والرباعيات. وزاد في (ز) الأسنان وكلام رتل بالتحريك أي مرتل ، وثغر رتل أيضا إذا كان مستوي البنيان.
(٢) في (ز) كلام.
(٣) زين العابدين : علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم ، رابع الأئمة الاثني عشر عند الإمامية ، ولد عام ٣٨ ه وتوفي عام ٩٤ ه (الأعلام ٤ / ٢٧٧).
(٤) سبق تخريجه في الأنبياء ، ٢١ / ١٢ والدخان ، ٤٤ / ١٠.