بَلِ الْإِنسَانُ عَلَى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (١٤) وَلَوْ أَلْقَى مَعَاذِيرَهُ (١٥) لَا تُحَرِّكْ بِهِ لِسَانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (١٦) إِنَّ عَلَيْنَا جَمْعَهُ وَقُرْآنَهُ (١٧) فَإِذَا قَرَأْنَاهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (١٨) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا بَيَانَهُ (١٩) كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعَاجِلَةَ (٢٠) وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) (٢١)
(قَدَّمَ) من عمل عمله (وَأَخَّرَ) ما لم يعمله.
١٤ ـ ١٥ ـ (بَلِ الْإِنْسانُ عَلى نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ) شاهد ، والهاء للمبالغة كعلّامة ، أو أنّثه لأنه أراد به جوارحه إذ جوارحه تشهد عليه ، أو هو حجة على نفسه ، والبصيرة : الحجة ، قال الله تعالى : (قَدْ جاءَكُمْ بَصائِرُ مِنْ رَبِّكُمْ) (١) وتقول لغيرك أنت حجة على نفسك ، وبصيرة رفع بالابتداء ، وخبره على نفسه تقدم عليه ، والجملة خبر الإنسان ، كقولك زيد على رأسه عمامة ، والبصيرة على هذا يجوز أن يكون الملك الموكل عليه (وَلَوْ أَلْقى مَعاذِيرَهُ) أرخى ستوره ، والمعذار السّتر ، وقيل ولو جاء بكل معذرة ما قبلت منه ، فعليه من يكذّب عذره ، والمعاذير ليس بجمع معذرة لأن جمعها معاذر بل هي اسم جمع لها ونحوه المناكير في المنكر.
١٦ ـ ١٩ ـ (لا تُحَرِّكْ بِهِ) بالقرآن (لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ) بالقرآن ، وكان صلىاللهعليهوسلم يأخذ في القراءة قبل فراغ جبريل كراهة أن يتفلّت منه ، فقيل له : لا تحرّك لسانك بقراءة الوحي ما دام جبريل يقرأ لتعجل به (٢) ، لتأخذه على عجلة ولئلا يتفلّت منك. ثم علل النهي عن العجلة بقوله (إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ) في صدرك (وَقُرْآنَهُ) وإثبات قراءته في لسانك ، والقرآن القراءة ونحوه : (وَلا تَعْجَلْ بِالْقُرْآنِ مِنْ قَبْلِ أَنْ يُقْضى إِلَيْكَ وَحْيُهُ) (٣) (فَإِذا قَرَأْناهُ) أي قرأه عليك جبريل ، فجعل قراءة جبريل قراءته (فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ) أي قراءته عليك (ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ) أي (٤) إذا أشكل عليك شيء من معانيه.
٢٠ ـ ٢١ ـ (كَلَّا) ردع عن إنكار البعث ، أو ردع لرسول الله صلىاللهعليهوسلم عن العجلة وإنكار لها عليه ، وأكده بقوله (بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ) كأنه قيل بل أنتم يا بني آدم لأنكم خلقتم من عجل وطبعتم عليه ، تعجلون في كل شيء ومن ثمّ تحبّون العاجلة الدنيا وشهواتها (وَتَذَرُونَ الْآخِرَةَ) الدار الآخرة ونعيمها فلا تعملون لها ، والقراءة بالتاء فيهما (٥) مدني وكوفي.
__________________
(١) الأنعام ، ٦ / ١٠٤.
(٢) ليس في (ز) لتعجل به.
(٣) طه ، ٢٠ / ١١٤.
(٤) ليس في (ظ) و (ز) أي.
(٥) في (ظ) و (ز) فيهما بالتاء.