(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاضِرَةٌ (٢٢) إِلَى رَبِّهَا نَاظِرَةٌ (٢٣) وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ بَاسِرَةٌ (٢٤) تَظُنُّ أَن يُفْعَلَ بِهَا فَاقِرَةٌ (٢٥) كَلَّا إِذَا بَلَغَتْ التَّرَاقِيَ (٢٦) وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ (٢٧) وَظَنَّ أَنَّهُ الْفِرَاقُ (٢٨) وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (٢٩) إِلَى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَسَاقُ (٣٠) فَلَا صَدَّقَ وَلَا صَلَّى (٣١) وَلَكِن كَذَّبَ وَتَوَلَّى (٣٢) ثُمَّ ذَهَبَ إِلَى أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (٣٣) أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى (٣٤) ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى)(٣٥)
٢٢ ـ ٢٣ ـ (وُجُوهٌ) هي وجوه المؤمنين (يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ) حسنة ناعمة (إِلى رَبِّها ناظِرَةٌ) بلا كيفية ولا جهة ولا ثبوت مسافة ، وحمل النظر على الانتظار لأمر ربّها أو لثوابه لا يصح لأنه يقال نظرت فيه أي تفكرت ونظرته انتظرته ، ولا يعدّى بإلى إلا بمعنى الرؤية مع أنه لا يليق الانتظار في دار القرار.
٢٤ ـ ٢٥ ـ (وَوُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ) كالحة شديدة العبوس (١) وهي وجوه الكفار (تَظُنُ) تتوقع (أَنْ يُفْعَلَ بِها) فعل هو في شدته (فاقِرَةٌ) داهية تقصم فقار الظهر.
٢٦ ـ ٣٠ ـ (كَلَّا) ردع عن إيثار الدنيا على الآخرة ، كأنه قيل ارتدعوا عن ذلك وتنبّهوا على ما بين أيديكم من الموت الذي عنده تنقطع العاجلة عنكم وتنتقلون إلى الآجلة التي تبقون فيها مخلّدين (إِذا بَلَغَتِ) أي الروح ، وجاز وإن لم يجر لها ذكر لأن الآية تدلّ عليها (التَّراقِيَ) العظام المكتنفة لثغرة النحر عن يمين وشمال ، جمع ترقوة (وَقِيلَ مَنْ راقٍ) يقف حفص على من وقيفة ، أي قال حاضر والمحتضر بعضهم لبعض أيكم يرقيه مما به ، من الرّقية من حدّ ضرب ، أو هو من كلام الملائكة أيكم يرقى بروحه أملائكة الرحمة أو ملائكة العذاب؟ من الرقيّ من حدّ علم (وَظَنَ) أيقن المحتضر (أَنَّهُ الْفِراقُ) أنّ هذا الذي نزل به هو فراق الدنيا المحبوبة (وَالْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ) التوت ساقاه عند موته ، وعن سعيد بن المسيب : هما ساقاه حين تلفّان في أكفانه ، وقيل شدة فراق الدنيا بشدة إقبال الآخرة على أنّ الساق مثل في الشدة ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : همّان (٢) همّ الأهل والولد ، وهمّ القدوم على الواحد الصمد (إِلى رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ) هو مصدر ساقه أي مساق العباد إلى حيث أمر الله إمّا إلى الجنة أو إلى النار.
٣١ ـ ٣٥ ـ (فَلا صَدَّقَ) بالرسول والقرآن (وَلا صَلَّى) الإنسان ، في قوله :
__________________
(١) في (ظ) و (ز) العبوسة.
(٢) في (ظ) و (ز) هما همان.