(إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ سَلَاسِلَا وَأَغْلَالًا وَسَعِيرًا (٤) إِنَّ الْأَبْرَارَ يَشْرَبُونَ مِن كَأْسٍ كَانَ مِزَاجُهَا كَافُورًا (٥) عَيْنًا يَشْرَبُ بِهَا عِبَادُ اللَّهِ يُفَجِّرُونَهَا تَفْجِيرًا (٦) يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخَافُونَ يَوْمًا كَانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيرًا (٧) وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا) (٨)
مؤمنا (وَإِمَّا كَفُوراً) كافرا حالان من الهاء في هديناه ، أي إن شكر وكفر فقد هديناه السبيل في الحالين ، أو من السبيل أي عرّفناه السبيل إمّا سبيلا شاكرا وأمّا سبيلا كفورا ، ووصف السبيل بالشكر والكفر مجاز ولمّا ذكر الفريقين أتبعهما ما أعدّ لهما فقال :
٤ ـ (إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ) جمع سلسلة ، بغير تنوين حفص ومكي وأبو عمرو وحمزة ، وبه ليناسب أغلالا وسعيرا إذ يجوز صرف غير المنصرف للتناسب غيرهم (وَأَغْلالاً) جمع غلّ (وَسَعِيراً) نارا موقدة. وقال :
٥ ـ (إِنَّ الْأَبْرارَ) جمع برّ أو بار كربّ وأرباب وشاهد وأشهاد وهم الصادقون في الإيمان ، أو الذين لا يؤذون الذرّ ولا يضمرون الشرّ (يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ) خمر فنفس الخمر تسمى كأسا ، وقيل الكأس الزجاجة إذا كان فيها خمر (كانَ مِزاجُها) ما تمزج به (كافُوراً) ماء كافور وهو اسم عين في الجنة ماؤها في بياض الكافور ورائحته وبرده.
٦ ـ (عَيْناً) بدل منه (يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) أي منها ، أو الباء زائدة ، أو هو محمول على المعنى أي يلتذ بها ، أو يروي بها ، وإنما قال أولا بحرف من وثانيا بحرف الباء لأنّ الكأس مبتدأ شربهم وأول غايته ، وأمّا العين فيها يمزجون شرابهم ، فكأنه قيل يشرب عباد الله بها الخمر (يُفَجِّرُونَها) يجرونها حيث شاؤوا من منازلهم (تَفْجِيراً) سهلا لا يمتنع عليهم.
٧ ـ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) بما أوجبوا على أنفسهم ، وهو جواب من عسى (١) يقول ما لهم يرزقون ذلك؟ والوفاء بالنذر مبالغة في وصفهم بالتوفّر على أداء الواجبات لأنّ من وفّى بما أوجبه على نفسه لوجه الله كان بما أوجبه الله عليه أوفى (وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ) شدائده (مُسْتَطِيراً) منتشرا ، من استطار الفجر.
٨ ـ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ) أي حبّ الطعام مع (٢) الاشتهاء والحاجة إليه ،
__________________
(١) زاد في (ز) أن.
(٢) في (ز) من.