(قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ وَاجِفَةٌ (٨) أَبْصَارُهَا خَاشِعَةٌ (٩) يَقُولُونَ أَئِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحَافِرَةِ (١٠) أَئِذَا كُنَّا عِظَامًا نَّخِرَةً (١١) قَالُوا تِلْكَ إِذًا كَرَّةٌ خَاسِرَةٌ (١٢) فَإِنَّمَا هِيَ زَجْرَةٌ وَاحِدَةٌ (١٣) فَإِذَا هُم بِالسَّاهِرَةِ (١٤) هَلْ أتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى (١٥) إِذْ نَادَاهُ رَبُّهُ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى (١٦) اذْهَبْ إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (١٧) فَقُلْ هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى (١٨) وَأَهْدِيَكَ إِلَى رَبِّكَ فَتَخْشَى (١٩) فَأَرَاهُ الْآيَةَ الْكُبْرَى (٢٠) فَكَذَّبَ وَعَصَى (٢١) ثُمَّ أَدْبَرَ يَسْعَى (٢٢) فَحَشَرَ فَنَادَى (٢٣) فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى (٢٤) فَأَخَذَهُ اللَّهُ نَكَالَ الْآخِرَةِ وَالْأُولَى) (٢٥)
وبينهما أربعون سنة ، والأولى تميت الخلق والثانية تحييهم.
٨ ـ ١٢ ـ (قُلُوبٌ يَوْمَئِذٍ) قلوب منكري البعث (واجِفَةٌ) مضطربة ، من الوجيف وهو الوجيب ، وانتصاب يوم ترجف بما دلّ عليه قلوب يومئذ واجفة ، أي يوم ترجف وجفت القلوب ، وارتفاع قلوب بالابتداء وواجفة صفتها (أَبْصارُها) أي أبصار أصحابها (خاشِعَةٌ) ذليلة لهول ما ترى ، خبرها (يَقُولُونَ) أي منكرو البعث في الدنيا استهزاء وإنكارا للبعث (أَإِنَّا لَمَرْدُودُونَ فِي الْحافِرَةِ) استفهام بمعنى الإنكار ، أي أنرد بعد موتنا إلى أوّل الأمر فنعود أحياء كما كنا؟. والحافرة : الحالة الأولى ، يقال لمن كان في أمر فخرج منه ثم عاد إليه رجع إلى حافرته أي إلى حالته الأولى ، ويقال النقد عند الحافرة أي عند الحالة الأولى وهي الصفقة. أنكروا البعث ثم زادوا استبعادا فقالوا (أَإِذا كُنَّا عِظاماً نَخِرَةً) بالية ، ناخرة كوفي غير حفص ، وفعل أبلغ من فاعل يقال نخر العظم فهو نخر وناخر. والمعنى أنرد إلى الحياة بعد أن صرنا عظاما بالية ، وإذا منصوب بمحذوف وهو نبعث (قالُوا) أي منكرو البعث (تِلْكَ) رجعتنا (إِذاً كَرَّةٌ خاسِرَةٌ) رجعة ذات خسران ، أو خاسر أصحابها ، والمعنى أنها إن صحت وبعثنا فنحن إذا خاسرون لتكذيبنا بها ، وهذا استهزاء منهم.
١٣ ـ ١٤ ـ (فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ) متعلق بمحذوف أي لا تحسبوا تلك الكرة صعبة على الله عزوجل فإنها سهلة هينة في قدرته ، فما هي إلا صيحة واحدة ، يريد النفخة الثانية من زجر البعير إذا صاح (١) (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ) فإذا هم أحياء على وجه الأرض بعد ما كانوا أمواتا في جوفها ، وقيل الساهرة أرض بعينها بالشأم إلى جنب بيت المقدس ، أو أرض مكة ، أو جهنم.
١٥ ـ ٢٥ ـ (هَلْ أَتاكَ حَدِيثُ مُوسى) استفهام يتضمن التنبيه على أن هذا مما
__________________
(١) في (ظ) و (ز) من قولهم زجر البعير إذا صاح عليه.