(وَمَا مِنَّا إِلَّا لَهُ مَقَامٌ مَّعْلُومٌ (١٦٤) وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (١٦٥) وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (١٦٦) وَإِنْ كَانُوا لَيَقُولُونَ (١٦٧) لَوْ أَنَّ عِندَنَا ذِكْرًا مِّنْ الْأَوَّلِينَ) (١٦٨)
في السابقة ، وما في ما أنتم نافية ، ومن في موضع نصب بفاتنين ، وقرأ الحسن صال الجحيم بضمّ اللام ووجهه أن يكون جمعا ، فحذفت النون للإضافة وحذفت الواو لالتقاء الساكنين هي واللام في الجحيم ، ومن موحد اللفظ مجموع المعنى ، فحمل هو على لفظه والصّالون على معناه.
١٦٤ ـ (وَما مِنَّا) أحد (إِلَّا لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ) في العبادة لا يتجاوزه ، فحذف الموصوف وأقيمت الصفة مقامه.
١٦٥ ـ (وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ) نصفّ أقدامنا في الصلاة ، أو نصفّ حول العرش داعين للمؤمنين.
١٦٦ ـ (وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ) المنزّهون ، أو المصلّون ، والوجه أن يكون هذا وما قبله من قوله سبحان الله عما يصفون من كلام الملائكة حتى يتصل بذكرهم في قوله ولقد علمت الجنّة ، كأنه قيل ولقد علم الملائكة وشهدوا أنّ المشركين مفترون عليهم في مناسبة ربّ العزة وقالوا سبحان الله فنزهوه عن ذلك ، واستثنوا عباد الله المخلصين وبرؤوهم منه ، وقالوا للكفرة فإذا صحّ ذلك فإنكم وآلهتكم لا تقدرون أن تفتنوا على الله أحدا من خلقه وتضلّوه إلّا من كان من أهل النار ، وكيف نكون مناسبين لربّ العزة وما نحن إلا عبيد أذلاء بين يديه ، لكلّ منا مقام معلوم من الطاعة لا يستطيع أن يزلّ عنه ظفرا خشوعا لعظمته ، ونحن الصافون أقدامنا لعبادته مسبّحين ممجّدين كما يجب على العباد لربّهم؟ وقيل هو من قول رسول الله صلىاللهعليهوسلم يعني وما من المسلمين أحد إلا له مقام معلوم يوم القيامة على قدر عمله من قوله تعالى : (عَسى أَنْ يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقاماً مَحْمُوداً) (١) ثم ذكر أعمالهم وأنهم الذين يصطفون في الصلاة ويسبّحون الله وينزهونه عما لا يجوز عليه.
١٦٧ ـ (وَإِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ) أي مشركو قريش قبل مبعثه عليهالسلام.
١٦٨ ـ (لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ) أي كتابا من كتب الأولين الذين نزل عليهم التوراة والإنجيل.
__________________
(١) الإسراء ، ١٧ / ٧٩.