(لَكُنَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (١٦٩) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (١٧٠) وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ (١٧١) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ (١٧٢) وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ (١٧٣) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٤) وَأَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٥) أَفَبِعَذَابِنَا يَسْتَعْجِلُونَ (١٧٦) فَإِذَا نَزَلَ بِسَاحَتِهِمْ فَسَاء صَبَاحُ الْمُنذَرِينَ) (١٧٧)
١٦٩ ـ (لَكُنَّا عِبادَ اللهِ الْمُخْلَصِينَ) لأخلصنا العبادة لله ولما كذّبنا كما كذّبوا ، ولما خالفنا كما خالفوا ، فجاءهم الذكر الذي هو سيد الأذكار والكتاب الذي هو معجز من بين الكتب.
١٧٠ ـ (فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) مغبة تكذيبهم وما يحلّ بهم من الانتقام ، وإن مخففة من الثقيلة ، واللام هي الفارقة ، وفي ذلك أنهم كانوا يقولونه مؤكدين للقول جادّين فيه ، فكم بين أول أمرهم وآخره.
١٧١ ـ (وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ) الكلمة قوله :
١٧٢ ـ ١٧٣ ـ (إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ. وَإِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ) وإنما سمّاها كلمة وهي كلمات لأنها لما انتظمت في معنى واحد كانت في حكم كلمة مفردة ، والمراد الموعد بعلوّهم على عدوّهم في مقام الحجاج وملاحم القتال في الدنيا وعلوّهم عليهم في الآخرة ، وعن الحسن : ما غلب نبيّ في حرب ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : إن لم ينصروا في الدنيا نصروا في العقبى ، والحاصل أنّ قاعدة أمرهم وأساسه والغالب منه الظفر والنصرة وإن وقع في تضاعيف ذلك شوب من الابتلاء والمحنة ، والعبرة للغالب.
١٧٤ ـ (فَتَوَلَّ عَنْهُمْ) فأعرض عنهم (حَتَّى حِينٍ) إلى مدة يسيرة ، وهي المدة التي أمهلوا فيها ، أو إلى يوم بدر ، أو إلى فتح مكة.
١٧٥ ـ (وَأَبْصِرْهُمْ) أي أبصر ما ينالهم يومئذ (فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) ذلك ، وهو للوعيد لا للتبعيد ، أو انظر إليهم إذا عذّبوا فسوف يبصرون ما أنكروا ، أو أعلمهم فسوف يعلمون.
١٧٦ ـ (أَفَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ) قبل حينه.
١٧٧ ـ (فَإِذا نَزَلَ) العذاب (بِساحَتِهِمْ) بفنائهم (فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ) صباحهم واللام في المنذرين مبهم في جنس من أنذروا ، لأن ساء وبئس يقتضيان ذلك ، وقيل هو نزول رسول الله صلىاللهعليهوسلم يوم الفتح بمكة. مثّل العذاب (١) بهم بعد ما أنذروه فأنكروه بجيش
__________________
(١) في (ظ) و (ز) العذاب النازل.