(وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (١٧٨) وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (١٧٩) سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (١٨٠) وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (١٨١) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) (١٨٢)
أنذر بهجومه قومه بعض نصّاحهم فلم يلتفتوا إلى إنذاره حتى أناخ بفنائهم بغتة فشنّ عليهم الغارة ، وكانت عادة مغاويرهم أن يغيروا صباحا فسميت الغارة صباحا وإن وقعت في وقت آخر.
١٧٨ ـ ١٧٩ ـ (وَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ. وَأَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ) وإنما ثنى ليكون تسلية على تسلية وتأكيدا لوقوع الميعاد إلى تأكيد ، وفيه فائدة زائدة وهي إطلاق الفعلين معا عن التقييد بالمفعول وأنه يبصر وهم يبصرون ما لا يحيط به الذكر من صنوف المسرة وأنواع المساءة ، وقيل أريد بأحدهما عذاب الدنيا وبالآخر عذاب الآخرة.
١٨٠ ـ (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ) أضيف الربّ إلى العزة لاختصاصه بها ، كأنه قيل ذو العزة كما تقول صاحب صدق لاختصاصه بالصدق ، ويجوز أن يراد أنه ما من عزة لأحد إلّا وهو ربّها ومالكها كقوله : (تُعِزُّ مَنْ تَشاءُ) (١) (عَمَّا يَصِفُونَ) من الولد والصاحبة والشريك.
١٨١ ـ (وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ) عمّ الرسل بالسلام بعد ما خصّ البعض في السورة لأنّ في تخصيص كلّ بالذكر تطويلا.
١٨٢ ـ (وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) على هلاك الأعداء ونصرة الأنبياء. اشتملت السورة على ذكر ما قاله المشركون في الله ونسبوه إليه مما هو منزّه عنه ، وما عاناه المرسلون من جهتهم وما خولوه في العاقبة من النصرة عليهم ، فختمها بجوامع ذلك من تنزيه ذاته عما وصفه به المشركون ، والتسليم على المرسلين والحمد لله ربّ العالمين على ما قيض (٢) من حسن العواقب ، والمراد تعليم المؤمنين أن يقولوا ذلك ولا يخلّوا به ولا يغفلوا عن مضمّنات كتابه الكريم ومودعات قرآنه المجيد ، وعن علي رضي الله عنه : من أحبّ أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليكن آخر كلامه إذا قام من مجلسه : سبحان ربّك ربّ العزة عما يصفون وسلام على المرسلين والحمد لله رب العالمين (٣).
__________________
(١) آل عمران ، ٣ / ٢٦.
(٢) في (ظ) و (ز) قيض لهم.
(٣) عبد الرزاق والثعلبي موقوفا.