(وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ نَّاعِمَةٌ ٨ لِسَعْيِهَا رَاضِيَةٌ (٩) فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ (١٠) لَّا تَسْمَعُ فِيهَا لَاغِيَةً (١١) فِيهَا عَيْنٌ جَارِيَةٌ (١٢) فِيهَا سُرُرٌ مَّرْفُوعَةٌ (١٣) وَأَكْوَابٌ مَّوْضُوعَةٌ (١٤) وَنَمَارِقُ مَصْفُوفَةٌ (١٥) وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ) (١٦)
بدليل قوله (لَيْسَ لَهُمْ طَعامٌ إِلَّا مِنْ ضَرِيعٍ) وهو نبت يقال لرطبه الشّبرق (١) فإذا يبس فهو ضريع وهو سم قاتل ، والعذاب ألوان والمعذبون طبقات ، فمنهم أكلة الزقوم ، ومنهم أكلة الغسلين ، ومنهم أكلة الضريع ، فلا تناقض بين هذه الآية وبين قوله : (وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ) (٢) (لا يُسْمِنُ) مجرور المحلّ لأنه وصف ضريع (وَلا يُغْنِي مِنْ جُوعٍ) أي منفعتا الغذاء منتفيتان عنه ، وهما إماطة الجوع وإفادة السّمن في البدن.
٨ ـ ١٦ ـ (وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ) ثم وصف وجوه المؤمنين ولم يقل ووجوه لأن الكلام الأول قد طال وانقطع (ناعِمَةٌ) متنعمة في لين العيش (لِسَعْيِها راضِيَةٌ) رضيت بعملها وطاعتها لمّا رأت ما أدّاهم إليه من الكرامة والثواب (فِي جَنَّةٍ عالِيَةٍ) من علوّ المكان أو المقدار (لا تَسْمَعُ) يا مخاطب ، أو الوجوه (فِيها لاغِيَةً) أي لغوا ، أو كلمة ذات لغو ، أو نفسا تلغو ، لا يتكلم أهل الجنة إلا بالحكمة وحمد الله على ما رزقهم من النعيم الدائم. لا يسمع فيها لاغية مكي وأبو عمرو. لا تسمع فيها لاغية نافع (فِيها عَيْنٌ جارِيَةٌ) أي عيون كثيرة كقوله : (عَلِمَتْ نَفْسٌ) (٣) (فِيها سُرُرٌ) جمع سرير (مَرْفُوعَةٌ) من رفعة المقدار ، أو السّمك ليرى المؤمن بجلوسه عليه جميع ما خوّله ربّه من الملك والنعيم (وَأَكْوابٌ) جمع كوب وهو القدح ، وقيل آنية لا عروة لها (مَوْضُوعَةٌ) بين أيديهم ليتلذذوا بالنظر إليها (٤) ، أو موضوعة على حافات العيون معدّة للشرب (وَنَمارِقُ) وسائد (مَصْفُوفَةٌ) بعضها إلى جنب بعض ، مساند ومطارح أينما أراد أن يجلس جلس على مسوّدة واستند إلى الأخرى (وَزَرابِيُ) وبسط عراض فاخرة جمع زربيّة (مَبْثُوثَةٌ) مبسوطة ، أو مفرقة في المجالس.
ولما أنزل الله تعالى هذه الآيات في صفة الجنة وفسّر النبي عليهالسلام بأن ارتفاع السرير يكون مائة فرسخ والأكواب الموضوعة لا تدخل في حساب الخلق لكثرتها ، وطول النمارق كذا وعرض الزرابي كذا أنكر الكفار وقالوا : كيف يصعد على هذا
__________________
(١) في (ز) يقال له.
(٢) الحاقة ، ٦٩ / ٣٦.
(٣) التكوير ، ٨١ / ١٤. الانفطار ، ٨٢ / ٥.
(٤) في (ظ) ليتلذذوا بالرؤية إليها ، وفي (ز) ليتلذذوا بها بالنظر إليها.