(أَفَلَا يَنظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ (١٧) وَإِلَى السَّمَاء كَيْفَ رُفِعَتْ (١٨) وَإِلَى الْجِبَالِ كَيْفَ نُصِبَتْ (١٩) وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ (٢٠) فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنتَ مُذَكِّرٌ (٢١) لَّسْتَ عَلَيْهِم بِمُصَيْطِرٍ (٢٢) إِلَّا مَن تَوَلَّى وَكَفَرَ (٢٣) فَيُعَذِّبُهُ اللَّهُ الْعَذَابَ الْأَكْبَرَ (٢٤) إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ (٢٥) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) (٢٦)
السرير ، وكيف تكثر الأكواب هذه الكثرة ، وتطول النمارق هذا الطول ، وتنبسط (١) الزرابي هذا الانبساط ولم نشاهد ذلك في الدنيا؟ فقال الله تعالى :
١٧ ـ ٢٠ ـ (أَفَلا يَنْظُرُونَ إِلَى الْإِبِلِ كَيْفَ خُلِقَتْ) طويلة ، ثم تبرك حتى تركب أو يحمل عليها ، ثم تقوم ، فكذا السرير يطأطىء للمؤمن كما يطأطىء الإبل (وَإِلَى السَّماءِ كَيْفَ رُفِعَتْ) رفعا بعيد المدى بلا إمساك وعمد ، ثم نجومها تكثر هذه الكثرة فلا تدخل في حساب الخلق فكذا الأكواب (وَإِلَى الْجِبالِ كَيْفَ نُصِبَتْ) نصبا ثابتا فهي راسخة لا تميل مع طولها فكذا النمارق (وَإِلَى الْأَرْضِ كَيْفَ سُطِحَتْ) سطحا بتمهيد وتوطئة ، فهي كلّها بساط واحد ينبسط من الأفق إلى الأفق فكذا الزرابي ، ويجوز أن يكون المعنى أفلا ينظرون إلى هذه المخلوقات الشاهدة على قدرة الخالق حتى لا ينكروا اقتداره على البعث فيسمعوا إنذار الرسول ويؤمنوا به ويستعدوا للقائه؟ وتخصيص هذه الأربعة باعتبار أن هذا خطاب للعرب وحث لهم على الاستدلال ، والمرء إنما يستدل بما تكثر مشاهدته له ، والعرب تكون في البوادي ونظرهم فيها إلى السماء والأرض والجياد (٢) والإبل ، فهي أعز أموالهم وهم لها أكثر استعمالا منهم لسائر الحيوانات ، ولأنها تجمع جميع المآرب المطلوبة من الحيوان وهي النسل والدرّ والحمل والركوب والأكل بخلاف غيرها ، ولأن خلقها أعجب من غيرها فإنه سخّرها منقادة لكلّ من اقتادها بأزمتّها لا تعازّ (٣) ضعيفا ولا تمانع صغيرا ، وبرأها طوال الأعناق لتنوء بالأوقار (٤) ، وجعلها بحيث تبرك حتى تحمّل عن قرب ويسر ثم تنهض بما حملت وتجرّها إلى البلاد الشاحطة (٥) وصبّرها على احتمال العطش حتى إنّ اظماءها لترتفع إلى العشر فصاعدا ، وجعلها ترعى كلّ نابت في البوادي (٦) مما لا يرعاه سائر البهائم.
٢١ ـ ٢٦ ـ (فَذَكِّرْ) فذكرهم بالأدلة ليتفكروا فيها (إِنَّما أَنْتَ مُذَكِّرٌ) ليس
__________________
(١) في (ز) وبسط.
(٢) في (ظ) و (ز) والجبال.
(٣) تعازّ : تغالب.
(٤) الأوقار : الأحمال الثقيلة.
(٥) الشاحطة : البعيدة.
(٦) في (ظ) و (ز) البراري.