وَثَمُودَ الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ (٩) وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتَادِ (١٠) الَّذِينَ طَغَوْا فِي الْبِلَادِ (١١) فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسَادَ (١٢) فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذَابٍ (١٣) إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ (١٤) فَأَمَّا الْإِنسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ (١٥) وَأَمَّا إِذَا مَا ابْتَلَاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَهَانَنِ) (١٦)
(الْبِلادِ) أي مثل عاد في قوتهم وطول قامتهم ، كان طول الرجل منهم أربعمائة ذراع ، أو لم يخلق مثل مدينة شداد في جميع بلاد الدنيا.
٩ ـ (وَثَمُودَ الَّذِينَ جابُوا الصَّخْرَ) قطعوا صخر الجبال واتخذوا فيها بيوتا ، قيل أول من نحت الجبال والصخور ثمود وبنوا ألفا وسبعمائة مدينة كلها من الحجارة (بِالْوادِ) بوادي القرى.
١٠ ـ ١٤ ـ (وَفِرْعَوْنَ ذِي الْأَوْتادِ) أي ذي الجنود الكثيرة ، وكانت لهم مضارب كثيرة يضربونها إذا نزلوا ، وقيل كان له أوتاد يعذب الناس بها كما فعل بآسية (الَّذِينَ) في محل النصب على الذم ، أو الرفع على هم الذين ، أو الجر على وصف المذكورين عاد وثمود وفرعون (طَغَوْا فِي الْبِلادِ) تجاوزوا الحدّ (فَأَكْثَرُوا فِيهَا الْفَسادَ) بالكفر والقتل والظلم (فَصَبَّ عَلَيْهِمْ رَبُّكَ سَوْطَ عَذابٍ) مجاز عن إيقاع العذاب بهم على أبلغ الوجوه إذ الصبّ يشعر بالدوام ، والسوط بزيادة الإيلام ، أي عذبوا عذابا مؤلما دائما (إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصادِ) وهو المكان الذي يرصد أي (١) يترقّب فيه الرصد ، مفعال من رصده ، وهذا مثل لإرصاده العباد ، وأنهم لا يفوتونه ، وأنه عالم بما يصدر منهم وحافظه ، فيجازيهم عليه إن خيرا فخير وإن شرا فشر.
١٥ ـ ١٦ ـ (فَأَمَّا الْإِنْسانُ إِذا مَا ابْتَلاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ* وَأَمَّا إِذا مَا ابْتَلاهُ فَقَدَرَ عَلَيْهِ رِزْقَهُ) أي ضيّق عليه وجعله بمقدار بلغته ، فقدّر شامي ويزيد (فَيَقُولُ رَبِّي أَهانَنِ) أي الواجب لمن ربّه بالمرصاد أن يسعى للعاقبة ولا تهمه العاجلة وهو قد عكس ، فإنه إذا امتحنه ربّه بالنعمة والسعة ليشكر ، قال : ربي أكرمني أي فضلني بما أعطاني ، فيرى الإكرام في كثرة الحظ من الدنيا ، وإذا امتحنه بالفقر فقدر عليه رزقه ليصبر ، قال ربي أهانني ، فيرى الهوان في قلة الحظ من الدنيا ، لأنه لا تهمه إلا العاجلة وما يلذّه وينقمه (٢) فيها ، فرد عليه زعمه بقوله :
__________________
(١) ليس في (ظ) و (ز) يرصد أي.
(٢) في (ظ) و (ز) وينعمه.