(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا (٩) وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا (١٠) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْوَاهَا (١١) إِذِ انبَعَثَ أَشْقَاهَا (١٢) فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ نَاقَةَ اللَّهِ وَسُقْيَاهَا (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوهَا فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُم بِذَنبِهِمْ فَسَوَّاهَا (١٤) وَلَا يَخَافُ عُقْبَاهَا) (١٥)
الحجرة عمرا ، وأجيب بأن واو القسم تنزل منزلة الباء والفعل حتى لم يجز إبراز الفعل معها فصارت كأنها العاملة نصبا وجرا ، وصارت كعامل واحد له عملان ، وكلّ عامل له عملان يجوز أن يعطف على معموليه بعاطف واحد بالاتفاق نحو ضرب زيد عمرا وبكر خالدا ، فترفع بالواو وتنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما ، فكذا هنا.
وما مصدرية في (وَالسَّماءِ وَما بَناها. وَالْأَرْضِ وَما طَحاها. وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها) أي وبنائها وطحوها أي بسطها وتسوية خلقها في أحسن صورة عند البعض ، وليس بالوجه ، لقوله فألهمها لما فيه من فساد النظم ، والوجه أن تكون موصولة وإنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية كأنه قيل : والسماء والقادر العظيم الذي بناها ، ونفس والحكيم الباهر الحكمة الذي سواها ، وإنما نكّرت النفس لأنه أراد نفسا خاصة من بين النفوس وهي نفس آدم ، كأنه قال وواحدة من النفوس ، أو أراد كلّ نفس ، والتنكير للتكثير كما في : (عَلِمَتْ نَفْسٌ) (١) (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) فأعلمها طاعتها ومعصيتها ، أفهمها أنّ أحدهما حسن والآخر قبيح.
٩ ـ ١٠ ـ (قَدْ أَفْلَحَ) جواب القسم والتقدير لقد أفلح ، قال الزجاج : صار طول الكلام عوضا عن اللام ، وقيل الجواب محذوف وهو الأظهر ، تقديره ليدمدمنّ الله عليهم أي على أهل مكة لتكذيبهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم كما دمدم على ثمود لأنهم كذبوا صالحا ، وأما قد أفلح فكلام تابع لقوله فألهمها فجورها وتقواها على سبيل الاستطراد وليس من جواب القسم في شيء (مَنْ زَكَّاها) طهّرها الله وأصلحها وجعلها زاكية (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها) أغواها الله ، قال عكرمة : أفلحت نفس زكاها الله وخابت نفس أغواها الله ، ويجوز أن تكون التّدسية والتطهير فعل العبد ، والتّدسية : النقص والإخفاء بالفجور ، وأصل دسّى دسس ، والياء بدل من السين المكررة.
١١ ـ ١٥ ـ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها) بطغيانها إذ الحامل لهم على التكذيب طغيانهم (إِذِ انْبَعَثَ) حين قام بعقر الناقة (أَشْقاها) أشقى ثمود قدار بن سالف ،
__________________
(١) التكوير ، ٨١ / ١٤.