(وَعَجِبُوا أَن جَاءهُم مُّنذِرٌ مِّنْهُمْ وَقَالَ الْكَافِرُونَ هَذَا سَاحِرٌ كَذَّابٌ (٤) أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ (٥) وَانطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا وَاصْبِرُوا عَلَى آلِهَتِكُمْ إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ يُرَادُ) (٦)
حيث لم تدخل إلّا على الأحيان ، ولم يبرز إلّا أحد مقتضييها إمّا الاسم أو الخبر وامتنع بروزهما جميعا ، وهذا مذهب الخليل وسيبويه ، وعند الأخفش أنها لا النافية للجنس زيدت عليها التاء وخصّت بنفي الأحيان ، وقوله (حِينَ مَناصٍ) منجى منصوب بها ، كأنك قلت ولا حين مناص لهم ، وعندهما أنّ النصب على تقدير ولات الحين حين مناص ، أي وليس الحين حين مناص.
٤ ـ ٥ ـ (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ) من أن جاءهم (مُنْذِرٌ مِنْهُمْ) رسول من أنفسهم (١) يعني استبعدوا أن يكون النبيّ من البشر (وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ. أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) ولم يقل وقالوا إظهارا للغضب عليهم ، ودلالة على أنّ هذا القول لا يجسر عليه إلا الكافرون المتوغلون في الكفر ، المنهمكون في الغي ، إذ لا كفر أبلغ من أن يسمّوا من صدّقه الله كاذبا ساحرا ، ويتعجبوا من التوحيد وهو الحقّ الأبلج ، ولا يتعجبوا من الشرك وهو باطل لجلج ، وروي أنّ عمر رضي الله عنه لما أسلم فرح به المؤمنون وشقّ على قريش فاجتمع خمسة وعشرون نفسا من صناديدهم ومشوا إلى أبي طالب وقالوا : أنت كبيرنا ، وقد علمت ما فعل هؤلاء السفهاء ، يريدون الذين دخلوا في الإسلام ، وجئناك لتقضي بيننا وبين ابن أخيك ، فاستحضر أبو طالب رسول الله صلىاللهعليهوسلم فقال : يا ابن أخي هؤلاء قومك يسألونك السواء فلا تمل كلّ الميل على قومك. فقال عليهالسلام : (ما ذا يسألونني؟) فقالوا : ارفضنا وارفض ذكر آلهتنا وندعك وإلهك ، فقال عليهالسلام : (أتعطوني كلمة واحدة تملكون بها العرب وتدين لكم بها العجم؟). قالوا : نعم وعشرا ، أي نعطيكها وعشر كلمات معها ، فقال : (قولوا لا إله إلا الله) فقاموا ، وقالوا : أجعل الآلهة إلها واحدا ، أي أصيّر إنّ هذا لشيء عجاب (٢) ، أي بليغ في العجب ، وقيل العجيب ما له مثل والعجاب ما لا مثل له.
٦ ـ (وَانْطَلَقَ الْمَلَأُ مِنْهُمْ أَنِ امْشُوا) وانطلق أشراف قريش عن مجلس أبي طالب بعد ما بكّتهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بالجواب العتيد قائلين بعضهم لبعض أن امشوا ، وأن
__________________
(١) زاد في (ز) ينذرهم.
(٢) قال ابن حجر : ذكره الثعلبي بغير سند ، وروى الترمذي والنسائي وابن حبان وأحمد وأبو يعلى والطبري وابن أبي حاتم وغيرهم عن ابن عباس وليس فيه أوله.