(وَشَدَدْنَا مُلْكَهُ وَآتَيْنَاهُ الْحِكْمَةَ وَفَصْلَ الْخِطَابِ (٢٠) وَهَلْ أَتَاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ إِذْ تَسَوَّرُوا الْمِحْرَابَ (٢١) إِذْ دَخَلُوا عَلَى دَاوُودَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ قَالُوا لَا تَخَفْ خَصْمَانِ بَغَى بَعْضُنَا عَلَى بَعْضٍ فَاحْكُم بَيْنَنَا بِالْحَقِّ وَلَا تُشْطِطْ وَاهْدِنَا إِلَى سَوَاء الصِّرَاطِ) (٢٢)
رضي الله عنهما : كان إذا سبّح جاوبته الجبال بالتسبيح ، واجتمعت إليه الطير ، فسبحت ، فذلك حشرها (كُلٌّ لَهُ أَوَّابٌ) كلّ واحد من الجبال والطير لأجل داود أي لأجل تسبيحه مسبح ، لأنها كانت تسبّح لتسبيحه ، ووضع الأواب موضع المسبّح لأنّ الأواب وهو التواب الكثير الرجوع إلى الله وطلب مرضاته من عادته أن يكثر ذكر الله ويديم تسبيحه وتقديسه ، وقيل الضمير لله أي كلّ من داود والجبال والطير لله أواب أي مسبّح مرجّع للتسبيح.
٢٠ ـ (وَشَدَدْنا مُلْكَهُ) قويناه ، قيل كان يبيت حول محرابه ثلاثة وثلاثون ألف رجل يحرسونه (وَآتَيْناهُ الْحِكْمَةَ) الزبور وعلم الشرائع ، وقيل : كلّ كلام وافق الحقّ فهو حكمة (وَفَصْلَ الْخِطابِ) علم القضاء وقطع الخصام ، والفصل بين الحقّ والباطل ، والفصل هو التمييز بين الشيئين ، وقيل للكلام البيّن فصل بمعنى المفصول ، كضرب الأمير ، وفصل الخطاب البيّن من الكلام الملخص الذي يتبينه من يخاطب به لا يلتبس عليه ، وجاز أن يكون الفصل بمعنى الفاصل كالصوم والزور ، والمراد بفصل الخطاب الفاصل من الخطاب الذي يفصل بين الصحيح والفاسد والحقّ والباطل ، وهو كلامه في القضايا والحكومات وتدابير الملك والمشورات. وعن علي رضي الله عنه : هو الحكم بالبينة على المدعي واليمين على المدعى عليه ، وهو من الفصل بين الحقّ والباطل ، وعن الشعبي : هو قوله أما بعد ، وهو أول من قال أما بعد ، فإنّ من تكلّم في الأمر الذي له شأن يفتتح بذكر الله وتحميده ، فإذا أراد أن يخرج إلى الغرض المسوق له فصل بينه وبين ذكر الله بقوله : أما بعد.
٢١ ـ (وَهَلْ أَتاكَ نَبَأُ الْخَصْمِ) ظاهره الاستفهام ومعناه الدلالة على أنه من الأنباء العجيبة ، والخصم الخصماء ، وهو يقع على الواحد والجمع ، لأنه مصدر في الأصل تقول خصمه خصما ، وانتصاب (إِذْ) بمحذوف تقديره وهل أتاك نبأ تحاكم الخصم أو بالخصم لما فيه من معنى الفعل (تَسَوَّرُوا الْمِحْرابَ) تصعّدوا سوره ونزلوا إليه ، والسور الحائط المرتفع ، والمحراب الغرفة أو المسجد أو صدر المسجد.
٢٢ ـ (إِذْ) بدل من الأولى (دَخَلُوا عَلى داوُدَ فَفَزِعَ مِنْهُمْ) روي أنّ الله تعالى