التأخير مستحق للفضلات وإنما قدّم في الكلام الأفصح لأن الكلام سيق لنفي المكافأة عن ذات البارىء سبحانه ، وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف ، فكان الأهم تقديمه.
وكان أبو عمرو يستحبّ الوقف على أحد ولا يستحبّ الوصل ، قال عبد الوارث (١) : على هذا أدركنا القراء وإذا وصل نوّن وكسر أو حذف التنوين كقراءة : (عُزَيْرٌ ابْنُ اللهِ) (٢) ، كفؤا بسكون الفاء والهمزة حمزة وخلف ، كفوا مثقلة غير مهموزة حفص الباقون مثقلة مهموزة.
وفي الحديث : (من قرأ سورة الإخلاص فقد قرأ ثلث القرآن) (٣) لأن القرآن يشتمل على توحيد الله وذكر صفاته ، وعلى الأوامر والنواهي وعلى القصص والمواعظ ، وهذه الصورة قد تجردت للتوحيد والصفات ، فقد تضمنت ثلث القرآن ، وفيه دليل شرف علم التوحيد وكيف لا يكون كذلك والعلم يشرف بشرف المعلوم ويتّضع بضعته ، ومعلوم هذا العلم هو الله وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز عليه فما ظنّك بشرف منزلته وجلالة محلّه.
اللهم احشرنا في زمرة العالمين بك ، العاملين لك ، الراجين لثوابك ، الخائفين من عقابك ، المكرّمين بلقائك ، وسمع رسول الله صلىاللهعليهوسلم رجلا يقرأ قل هو الله أحد فقال : (وجبت) ، فقيل : يا رسول الله ما وجبت؟ قال : (وجبت له الجنة) (٤).
__________________
(١) عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان ، أبو عبيدة حافظ ثبت ، كان فصيحا من أئمة الحديث ولد عام ١٠٢ ه وتوفي عام ١٨٠ ه (الأعلام ٤ / ١٧٨).
(٢) التوبة ، ٩ / ٣٠.
(٣) كنز العمال ، ١ / ٢٦٥٥ و ٢٧٣٤.
(٤) الترمذي والنسائي والحاكم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.