(وَلَمْ يَكُن لَّهُ كُفُوًا أَحَدٌ) (٤)
قديما لكان حادثا لعدم الواسطة بينهما ، ولو كان حادثا لافتقر إلى محدث ، وكذا الثاني والثالث فيؤدي إلى التسلسل وهو باطل ، وليس بجسم لأنه اسم للمتركب ، ولا يخلو حينئذ من أن يتصف كلّ جزء منه بصفات الكمال فيكون كلّ جزء إلها ، فيفسد القول به كما فسد بإلهين ، أو غير متصف بها بل بأضدادها من سمات الحدوث وهو محال.
٤ ـ (وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ولم يكافئه أحد أي لما يماثله ، سألوه أن يصفه لهم فأوحى إليه ما يحتوي على صفاته تعالى.
فقوله : هو الله إشارة إلى أنه خالق الأشياء وفاطرها ، وفي طي ذلك وصفه بأنه قادر عالم لأن الخلق يستدعي القدرة والعلم لكونه واقعا على غاية إحكام واتساق وانتظام ، وفي ذلك وصفه بأنه حي لأن المتصف بالقدرة والعلم لا بد وان يكون حيا ، وفي ذلك وصفه بأنه سميع بصير مريد متكلم إلى غير ذلك من صفات الكمال إذ لو لم يكن موصوفا بها لكان موصوفا بأضدادها وهي نقائص ، وذا من أمارات الحدوث فيستحيل اتصاف القديم بها.
وقوله : أحد وصف بالوحدانية ونفي الشريك ، وبأنه المتفرد بإيجاد المعدومات والمتوحد بعلم الخفيات.
وقوله : الصمد وصف بأنه ليس إلا محتاجا إليه ، وإذا لم يكن إلا محتاجا إليه فهو غني لا يحتاج إلى أحد ويحتاج إليه كلّ أحد.
وقوله : لم يلد نفي للشبه والمجانسة.
وقوله : ولم يولد نفي للحدوث ووصف بالقدم والأوّلية.
وقوله : ولم يكن له كفوا أحد نفي أن يماثله شيء.
ومن زعم أن نفي الكفء وهو المثل في الماضي لا يدل على نفيه للحال والكفار يدعونه في الحال فقد تاه في غيه ، لأنه إذا لم يكن فيما مضى لم يكن في الحال ضرورة ، إذ الحادث لا يكون كفؤا للقديم. وحاصل كلام الكفرة يؤول إلى الإشراك والتشبيه والتعطيل ، والسورة تدفع الكلّ كما قررنا.
واستحسن سيبويه تقديم الظرف إذا كان مستقرا أي خبرا ، لأنه لما كان محتاجا إليه قدّم ليعلم من أول الأمر أنه خبر لا فضلة ، وتأخيره إذا كان لغوا أي فضلة لأن