(رُدُّوهَا عَلَيَّ فَطَفِقَ مَسْحًا بِالسُّوقِ وَالْأَعْنَاقِ (٣٣) وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمَانَ وَأَلْقَيْنَا عَلَى كُرْسِيِّهِ جَسَدًا ثُمَّ أَنَابَ (٣٤) قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكًا لَّا يَنبَغِي لِأَحَدٍ مِّنْ بَعْدِي إِنَّكَ أَنتَ الْوَهَّابُ) (٣٥)
مضاف إلى المفعول (حَتَّى تَوارَتْ) الشمس (بِالْحِجابِ) والذي دلّ على أنّ الضمير للشمس مرور ذكر العشي ولا بدّ للضمير من جري ذكر أو دليل ذكر ، أو الضمير للصافنات أي حتى توارت بحجاب الليل يعني الظلام.
٣٣ ـ (رُدُّوها عَلَيَ) أي قال للملائكة ردوا الشمس علي لأصلي العصر فردّت الشمس له وصلى العصر ، أو ردوا الصافنات (فَطَفِقَ مَسْحاً بِالسُّوقِ وَالْأَعْناقِ) فجعل يمسح مسحا ، أي يمسح السيف بسوقها وهي جمع ساق كدار ودور ، وأعناقها يعني يقطعها لأنها منعته عن الصلاة ، تقول مسح علاوته إذا ضرب عنقه ، ومسح المسفّر والكتاب إذا قطع أطرافه بسيفه ، وقيل إنما فعل ذلك كفارة لها ، أو شكرا لردّ الشمس ، وكانت الخيل مأكولة في شريعته فلم يكن إتلافا ، وقيل مسحها بيده استحسانا لها وإعجابا بها.
٣٤ ـ (وَلَقَدْ فَتَنَّا سُلَيْمانَ) ابتليناه (وَأَلْقَيْنا عَلى كُرْسِيِّهِ) سرير ملكه (جَسَداً ثُمَّ أَنابَ) رجع إلى الله ، قيل فتن سليمان بعد ما ملك عشرين سنة وملك بعد الفتنة عشرين سنة ، وكان من فتنته أنه ولد له ابن فقالت الشياطين : إن عاش لم ننفك من السخرة ، فسبيلنا أن نقتله أو نخبّله ، فعلم ذلك سليمان عليهالسلام ، فكان يغذوه في السحابة خوفا من معرّة (١) الشياطين ، فألفى ولده ميتا على كرسيه ، فتنبّه على زلته في أن لم يتوكل فيه على ربّه ، وروي عن النبي صلىاللهعليهوسلم : (قال سليمان لأطوفن الليلة على سبعين امرأة كلّ واحدة منهنّ تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله ، ولم يقل إن شاء الله فطاف عليهنّ فلم تحمل إلا امرأة واحدة جاءت بشقّ رجل ، فجيء به على كرسيّه فوضع في حجره ، فو الذي نفس محمد بيده لو قال إن شاء الله لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون) (٢) وأما ما يروى من حديث الخاتم والشيطان وعبادة الوثن في بيت سليمان عليهالسلام فمن أباطيل اليهود.
٣٥ ـ (قالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَهَبْ لِي مُلْكاً) قدّم الاستغفار على استيهاب الملك جريا على عادة الأنبياء عليهمالسلام والصالحين في تقديم الاستغفار على السؤال (لا يَنْبَغِي) لا يتسهّل ولا يكون (لِأَحَدٍ مِنْ بَعْدِي) أي دوني. وبفتح الياء مدني وأبو عمرو ، وإنما
__________________
(١) في (ز) مضرة.
(٢) متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه.