(وَإِنَّ لَهُ عِندَنَا لَزُلْفَى وَحُسْنَ مَآبٍ (٤٠) وَاذْكُرْ عَبْدَنَا أَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الشَّيْطَانُ بِنُصْبٍ وَعَذَابٍ (٤١) ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (٤٢) وَوَهَبْنَا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُم مَّعَهُمْ رَحْمَةً مِّنَّا وَذِكْرَى لِأُوْلِي الْأَلْبَابِ) (٤٣)
٤٠ ـ (وَإِنَّ لَهُ عِنْدَنا لَزُلْفى وَحُسْنَ مَآبٍ) لزلفى اسم إنّ ، والخبر له ، والعامل في عند الخبر.
٤١ ـ (وَاذْكُرْ عَبْدَنا أَيُّوبَ) هو بدل من عبدنا أو عطف بيان (إِذْ) بدل اشتمال منه (نادى رَبَّهُ) دعاه (أَنِّي مَسَّنِيَ) بأن (١) مسّني حكاية لكلامه الذي ناداه بسببه ، ولو لم يحك لقال بأنه مسّه لأنه غائب (الشَّيْطانُ بِنُصْبٍ) قراءة العامة ، بنصب يزيد تثقيل نصب ، بنصب كرشد ورشد يعقوب ، بنصب على أصل المصدر هبيرة والمعنى واحد وهو التعب والمشقة (وَعَذابٍ) ألم (٢) ، يريد مرضه وما كان يقاسي فيه من أنواع الوصب ، وقيل أراد ما كان يوسوس به إليه في مرضه من تعظيم ما نزل به من البلاء ، ويغريه على الكراهة والجزع ، فالتجأ إلى الله في أنّ يكفيه ذلك بكشف البلاء ، أو بالتوفيق في دفعه وردّه بالصبر الجميل ، وروي أنه كان يعوده ثلاثة من المؤمنين فارتدّ أحدهم فسأل عنه فقيل : ألقى إليه الشيطان أنّ الله لا يبتلي الأنبياء والصالحين ، وذكر في سبب بلائه أنه ذبح شاة فأكلها وجاره جائع ، أو رأى منكرا فسكت عنه ، أو ابتلاه الله لرفع الدرجات بلا زلة سبقت منه.
٤٢ ـ (ارْكُضْ بِرِجْلِكَ) حكاية ما أجيب به أيوب عليهالسلام أي أرسلنا إليه جبريل عليهالسلام فقال له : اركض برجلك ، أي اضرب برجلك الأرض ، وهي أرض الجابية (٣) ، فضربها ، فنبعت عين فقيل (هذا مُغْتَسَلٌ بارِدٌ وَشَرابٌ) أي هذا ماء تغتسل به وتشرب منه فيبرأ باطنك وظاهرك ، وقيل نبعت له عينان فاغتسل من إحداهما وشرب من الأخرى ، فذهب الداء من ظاهره وباطنه بإذن الله تعالى.
٤٣ ـ (وَوَهَبْنا لَهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ) قيل أحياهم الله تعالى بأعيانهم وزاده مثلهم (رَحْمَةً مِنَّا وَذِكْرى لِأُولِي الْأَلْبابِ) مفعول لهما ، أي الهبة كانت للرحمة له ولتذكير أولي الألباب ، لأنهم إذا سمعوا بما أنعمنا به عليه لصبره رغّبهم في الصبر على البلاء.
__________________
(١) في (ظ) و (ز) بأني.
(٢) ليس في (ز) ألم.
(٣) الجابية : قرية من أعمال دمشق من ناحية الجولان قرب مرج الصفّر (معجم البلدان ٢ / ١٠٦).