(إِنَّ ذَلِكَ لَحَقٌّ تَخَاصُمُ أَهْلِ النَّارِ (٦٤) قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ وَمَا مِنْ إِلَهٍ إِلَّا اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) (٦٩)
مثل كنا نعدّهم من الأشرار ، وبهمزة الاستفهام غيرهم على أنه إنكار على أنفسهم في الاستسخار منهم ، سخريا مدني وحمزة وعليّ وخلف والمفضل (أَمْ زاغَتْ) مالت (عَنْهُمُ الْأَبْصارُ) هو متصل بقوله ما لنا ، أي ما لنا لا نراهم في النار كأنهم ليسوا فيها بل أزاغت عنهم أبصارنا فلا نراهم وهم فيها ، قسموا أمرهم بين أن يكونوا من أهل الجنة وبين أن يكونوا من أهل النار إلا أنه خفي عليهم مكانهم.
٦٤ ـ (إِنَّ ذلِكَ) الذي حكينا عنهم (لَحَقٌ) لصدق كائن لا محالة ، لا بدّ أن يتكلموا به ، ثم بيّن ما هو فقال : هو (تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ولمّا شبّه تقاولهم وما يجري بينهم من السؤال والجواب بما يجري بين المتخاصمين سمّاه تخاصما ، ولأنّ قول الرؤساء : لا مرحبا بهم ، وقول أتباعهم : بل أنتم لا مرحبا بكم من باب الخصومة فسمّى التقاول كلّه تخاصما لاشتماله على ذلك.
٦٥ ـ (قُلْ) يا محمد لمشركي مكة (إِنَّما أَنَا مُنْذِرٌ) ما أنا إلا رسول منذر أنذركم عذاب الله تعالى (وَما مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ) وأقول لكم إنّ دين الحقّ توحيد الله ، وأن نعتقد (١) أن لا إله إلّا الله (الْواحِدُ) بلا ندّ ولا شريك (الْقَهَّارُ) لكلّ شيء.
٦٦ ـ (رَبُّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا) له الملك والرّبوبيّة في العالم كلّه (الْعَزِيزُ) الذي لا يغلب إذا عاقب (الْغَفَّارُ) لذنوب من التجأ إليه.
٦٧ ـ (قُلْ هُوَ) أي هذا الذي أنبأتكم به من كوني رسولا منذرا ، وأنّ الله واحد لا شريك له (نَبَأٌ عَظِيمٌ) لا يعرض عن مثله إلا غافل شديد الغفلة. ثمّ :
٦٨ ـ (أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) غافلون.
٦٩ ـ (ما كانَ لِي) حفص (مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلى إِذْ يَخْتَصِمُونَ) احتجّ لصحة نبوّته بأن ما ينبّىء به عن الملإ الأعلى واختصامهم أمر ما كان له به من علم قط ، ثم علمه ، ولم يسلك الطريق الذي يسلكه الناس في علم ما لم يعلموا وهو الأخذ من أهل العلم وقراءة الكتب ، فعلم أنّ ذلك لم يحصل له إلا بالوحي من الله تعالى.
__________________
(١) في (ظ) وان يعتقد ، وفي (ز) وأن تعتقدوا.