(إِن يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُّبِينٌ (٧٠) إِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِن طِينٍ (٧١) فَإِذَا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِن رُّوحِي فَقَعُوا لَهُ سَاجِدِينَ (٧٢) فَسَجَدَ الْمَلَائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ (٧٣) إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ وَكَانَ مِنْ الْكَافِرِينَ) (٧٤)
٧٠ ـ (إِنْ يُوحى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّما أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) أي لأنما أنا نذير (١) ، ومعناه ما يوحى إليّ إلا للإنذار ، فحذف اللام وانتصب بإفضاء الفعل إليه ، ويجوز أن يرتفع على معنى ما يوحى إليّ إلا هذا ، وهو أن أنذر وأبلّغ ولا أفرط في ذلك ، أي ما أومر إلا بهذا الأمر وحده وليس لي غير ذلك ، وبكسر إنما يزيد على الحكاية ، أي إلا هذا القول وهو أن أقول لكم إنما أنا نذير مبين ولا أدعي شيئا آخر ، وقيل النبأ العظيم قصص آدم والإنباء به من غير سماع من أحد ، وعن ابن عباس رضي الله عنهما : القرآن ، وعن الحسن : يوم القيامة ، والمراد بالملإ الأعلى أصحاب القصّة : الملائكة وآدم وإبليس لأنهم كانوا في السماء ، وكان التقاول بينهم ، وإذ يختصمون متعلّق بمحذوف إذ المعنى ما كان لي من علم بكلام الملإ الأعلى وقت اختصامهم.
٧١ ـ (إِذْ قالَ رَبُّكَ) بدل من إذ يختصمون ، أي في شأن آدم حين قال تعالى على لسان ملك (لِلْمَلائِكَةِ إِنِّي خالِقٌ بَشَراً مِنْ طِينٍ) وقال : (إِنِّي جاعِلٌ فِي الْأَرْضِ خَلِيفَةً قالُوا أَتَجْعَلُ فِيها مَنْ يُفْسِدُ فِيها) (٢).
٧٢ ـ (فَإِذا سَوَّيْتُهُ) فإذا أتممت خلقه (٣) وعدّلته (وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي) الذي خلقته ، وأضافه إليه تخصيصا ، كبيت الله وناقة الله ، والمعنى أحييته وجعلته حسّاسا متنفسا (فَقَعُوا) أمر من وقع يقع أي اسقطوا على الأرض ، والمعنى اسجدوا (لَهُ ساجِدِينَ) قيل كان انحناء يدلّ على التواضع ، وقيل كان سجدة لله ، أو كان سجدة التحية.
٧٣ ـ (فَسَجَدَ الْمَلائِكَةُ كُلُّهُمْ أَجْمَعُونَ) كلّ للإحاطة وأجمعون للاجتماع ، فأفاد أنهم سجدوا عن آخرهم جميعا (٤) في وقت واحد غير متفرقين في أوقات.
٧٤ ـ (إِلَّا إِبْلِيسَ اسْتَكْبَرَ) تعظّم عن السجود (وَكانَ مِنَ الْكافِرِينَ) وصار من الكافرين بإباء الأمر.
__________________
(١) زاد في (ظ) و (ز) مبين.
(٢) البقرة ، ٢ / ٣٠.
(٣) في (ز) خلقته.
(٤) في (ز) جميعهم.