(وَإِذَا مَسَّ الْإِنسَانَ ضُرٌّ دَعَا رَبَّهُ مُنِيبًا إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا خَوَّلَهُ نِعْمَةً مِّنْهُ نَسِيَ مَا كَانَ يَدْعُو إِلَيْهِ مِن قَبْلُ وَجَعَلَ لِلَّهِ أَندَادًا لِّيُضِلَّ عَن سَبِيلِهِ قُلْ تَمَتَّعْ بِكُفْرِكَ قَلِيلًا إِنَّكَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ (٨) أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُوْلُوا الْأَلْبَابِ) (٩)
لكم ، لأنه سبب فوزكم فيثيبكم عليه الجنة ، يرضه بضم الهاء والإشباع مكي وعليّ ، يرضه بضم الهاء بدون الإشباع نافع وهشام وعاصم غير يحيى وحماد ، وغيرهم يرضه (وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى) أي لا يؤخذ (١) أحد بذنب آخر (ثُمَّ إِلى رَبِّكُمْ مَرْجِعُكُمْ) إلى جزاء ربّكم رجوعكم (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فيخبركم بأعمالكم ويجازيكم عليها (إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ) بخفيّات القلوب.
٨ ـ (وَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ) هو أبو جهل أو كلّ كافر (ضُرٌّ) بلاء وشدة ، والمسّ في الأعراض مجاز (دَعا رَبَّهُ مُنِيباً إِلَيْهِ) راجعا إلى الله بالدعاء لا يدعو غيره (ثُمَّ إِذا خَوَّلَهُ) أعطاه (نِعْمَةً مِنْهُ) من الله عزوجل (نَسِيَ ما كانَ يَدْعُوا إِلَيْهِ مِنْ قَبْلُ) أي نسي ربّه الذي كان يتضرع إليه ، وما بمعنى من كقوله : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى) (٢) أو نسي الضرّ الذي كان يدعو الله إلى كشفه (وَجَعَلَ لِلَّهِ أَنْداداً) أمثالا (لِيُضِلَ) ليضل مكي وأبو عمرو ويعقوب (عَنْ سَبِيلِهِ) أي الإسلام (قُلْ) يا محمد (تَمَتَّعْ) أمر تهديد (بِكُفْرِكَ قَلِيلاً) أي في الدنيا (إِنَّكَ مِنْ أَصْحابِ النَّارِ) من أهلها.
٩ ـ (أَمَّنْ) قرأ بالتخفيف مكي ونافع وحمزة على إدخال همزة الاستفهام على من ، وبالتشديد غيرهم على إدخال أم عليه ، ومن مبتدأ خبره محذوف تقديره أمّن (هُوَ قانِتٌ) كغيره أي أمّن هو مطيع كمن هو عاص ، والقانت المطيع لله ، وإنما حذف لدلالة الكلام عليه ، وهو جري ذكر الكافر قبله ، وقوله بعده قل هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون (آناءَ اللَّيْلِ) ساعاته (ساجِداً وَقائِماً) حالان من الضمير في قانت (يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) أي عذاب الآخرة (وَيَرْجُوا رَحْمَةَ رَبِّهِ) أي الجنة ، ودلت الآية على أنّ المؤمن يجب أن يكون بين الخوف والرجاء ، يرجو رحمته لا عمله ويحذر عقابه لتقصيره في عمله ، ثم الرجاء إذا جاوز حدّه يكون أمنا ، والخوف إذا جاوز حدّه يكون إياسا وقد قال الله تعالى : (فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللهِ إِلَّا الْقَوْمُ
__________________
(١) في (ز) يؤاخذ.
(٢) الليل ، ٩٢ / ٣.