(وَالَّذِي جَاء بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (٣٤) لَهُم مَّا يَشَاءونَ عِندَ رَبِّهِمْ ذَلِكَ جَزَاء الْمُحْسِنِينَ (٣٤) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ الَّذِي كَانُوا يَعْمَلُونَ (٣٥) أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِن دُونِهِ وَمَن يُضْلِلِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) (٣٦)
به ، وما هو إلا بيان وتفسير للذين تكون بينهم الخصومة. كذب على الله افترى عليه بإضافة الولد والشريك إليه (وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ) بالأمر الذي هو الصدق بعينه ، وهو ما جاء به محمد صلىاللهعليهوسلم (إِذْ جاءَهُ) فاجأه بالتكذيب لمّا سمع به من غير وقفة لإعمال روية أو اهتمام بتمييز بين حقّ وباطل كما يفعل أهل النصفة فيما يسمعون (أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ) أي لهؤلاء الذين كذبوا على الله وكذّبوا بالصدق ، واللام في للكافرين إشارة إليهم.
٣٣ ـ (وَالَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَصَدَّقَ بِهِ) هو رسول الله صلىاللهعليهوسلم جاء بالحقّ وآمن به ، وأراد به إياه ومن تبعه ، كما أراد بموسى إياه وقومه في قوله : (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ لَعَلَّهُمْ يَهْتَدُونَ) (١) فلذا قال تعالى (أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ) وقال الزّجّاج : روي عن علي رضي الله عنه أنه قال : والذي جاء بالصدق محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم والذي صدّق به أبو بكر الصديق رضي الله عنه ، وروي أنّ الذي جاء بالصدق محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم والذي صدّق به المؤمنون ، والكلّ صحيح كذا قاله. قالوا والوجه في العربية أن يكون جاء وصدّق لفاعل واحد لأنّ التغاير يستدعي إضمار الذي وذا غير جائز ، إو إضمار الفاعل من غير تقدّم الذكر وذا بعيد.
٣٤ ـ ٣٥ ـ (لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ* لِيُكَفِّرَ اللهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَيَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ) إضافة أسوأ وأحسن من إضافة الشيء إلى ما هو بعضه من غير تفضيل كقولك : الأشجّ أعدل بني مروان (٢).
٣٦ ـ (أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ) أدخلت همزة الإنكار على كلمة النفي فأفيد معنى إثبات الكفاية وتقريرها (عَبْدَهُ) أي محمدا صلىاللهعليهوسلم. عباده حمزة وعليّ أي الأنبياء والمؤمنين ، وهو مثل : (إِنَّا كَفَيْناكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) (٣) (وَيُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ)
__________________
(١) المؤمنون ، ٢٣ / ٤٩.
(٢) الأشج : هو عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه ، ترجمته في ١ / ١.
(٣) الحجر ، ١٥ / ٩٥.