١ ـ النظريّة العامّة للجمع العرفي :
تتلخّص النظرية العامّة للجمع العرفي في : انّ كلّ ظهور للكلام حجّة ما لم يعدّ المتكلّم ظهورا آخر لتفسيره وكشف المراد النهائي له ، فانّه في هذه الحالة يكون المعوّل عقلائيا على الظهور المعدّ للتفسير وكشف المراد النهائي للمتكلم ويسمّى بالقرينة ، ولا يشمل دليل الحجيّة في هذه الحالة الظهور الآخر (١).
وهذا الاعداد تارة يكون شخصيا وتقوم عليه قرينة خاصّة ، واخرى يكون نوعيا ، بمعنى ان العرف اعدّ هذا النوع من التعبير للكشف عن المراد من ذلك النوع من التعبير وتحديد المراد منه ، والظاهر من حال
__________________
(١) بيان ذلك : إنه قد يتوهم أنّه في حال تنافي دليلين في الدلالة يحصل تعارض بين دلالتيهما ، وهذا التوهم خاطئٌ ، ذلك لاننا ذكرنا سابقا ان التعارض انما يحصل بين مدلولي الجعلين لا بين دلالتيهما ، بمعنى انّ التعارض يحصل في عالم الجعل والثبوت لا في عالم الدلالة ، وإن كان التنافي في مرحلة الدلالة يكشف عن وجود التعارض في مرحلة الجعل ، وعليه فان ورد عام وخاصّ مثلا فاين التعارض ومن اين نشأ؟ وقبل الجواب نقول إنّه لو كان ظهور العام ـ مثلا ـ في هذه الحالة غير حجّة لما وقع تعارض ، إذن منشأ التعارض هو شمول دليل حجّية الظهور لكلا الدليلين اي ان مفاد دليل حجيّة الظهور «خذ بظهور العام» و «خذ بظهور الخاص» متعارضان ، ويزول التعارض فيما لو كان دليل حجيّة الظهور مقيّدا بالنحو التالي : «كل ظهور للكلام حجّة ما لم يعدّ المتكلم كلاما آخر لتفسيره ، فانه في هذه الحالة تكون الحجّة ما يوافق القرينة المفسّرة».