الاستصحاب أصل أو أمارة؟
قد عرفنا سابقا (١) الضابط الحقيقي للتمييز بين الحكم الظاهري في باب الامارات والحكم الظاهري في باب الاصول ، وهو أنه كلما كان الملحوظ فيه أهميّة المحتمل كان اصلا ... وكلما كان الملحوظ قوّة الاحتمال وكاشفيته محضا كان المورد امارة.
وعلى هذا الضوء إذا درسنا الكبرى المجعولة في دليل الاستصحاب واجهنا صعوبة في تعيين هويّتها ودخولها تحت احد القسمين ، وذلك لأنّ ادخالها في نطاق الامارات يعني افتراض كاشفية الحالة السابقة وقوّة احتمال البقاء ، مع انّ هذه الكاشفية لا واقع لها ـ كما عرفنا في الحلقة السابقة ـ ولهذا انكرنا حصول الظن بسبب الحالة السابقة ، وادخالها في نطاق الاصول (٢) يعني ان تفوّق الاحكام المحتملة البقاء على الاحكام المحتملة الحدوث في الاهمية اوجب الزام الشارع برعاية الحالة السابقة ، مع ان الاحكام المحتملة البقاء ليست متعيّنة الهويّة والنوعية ، فهي تارة وجوب ، واخرى حرمة ، وثالثة اباحة ، وكذلك الامر فيما يحتمل حدوثه ،
__________________
(١) في بحث «الامارات والاصول» من الجزء الاوّل ص ٦٨ ، وفي اوائل الجزء الثالث ، ويأتي في بحث «مقدار ما يثبت الاستصحاب».
(٢) كاصالة الطهارة والبراءة والحلّية.