__________________
ووجوده وجود تعلّقي به ، بمعنى انه عين الربط والافتقار ، بل هو مظهر لموضوعه ، فانّ قولنا مثلا ((قتل المؤمن ظلما حرام)) على وزان قولنا ((هذا القبيح الفلاني قبيح قبح القتل)) لا قبح السرقة. مثلا. ونحوها ، وليس المحمول إلّا كاشفا عن درجة قبح العمل او درجة مطلوبيّته ، فالظلم قبيح منذ الازل ، ولا يوجد زمان كان فيه الظلم غير قبيح كي نقول الاصل عدم كون الظلم قبيحا او حراما ، وكذا الامر في سائر موضوعات الاحكام ، ومن هنا قال اصحابنا بتبعيّة الاحكام للمصالح والمفاسد حتّى في الاوامر الامتحانية والاوامر الواردة في مقام التقيّة ، فانّ المصلحة وان لم تكن في ملاكهما ولكنها على اي حال موجودة منذ الازل في علم الباري تعالى في السلوك على طبق هذه الاوامر ، فانّ التوضّي بوضوء اهل الخلاف تجنّبا من الوقوع في الضرر ذو مصلحة اقوى من مصلحة التوضّي الصحيح مع التضرّر منهم ، وعليه فلا يصحّ استصحاب عدم الجعل لاختلال الركن الاوّل.
ومن هنا تعرف عدم وقوع التعارض بين استصحاب عدم الجعل واستصحاب بقاء المجعول ، وذلك من باب السالبة لانتفاء الموضوع ، فكلا هذين الاستصحابين لا يجريان من الاصل.
[وليعلم] أنّه وإن كانت البراءة العقلية صحيحة في ذاتها بالبيان المتقدّم في بحث ((مسلك حقّ الطاعة)) إلّا ان الجاري في مقام احتمال تنجّز التكاليف بعد الفحص هو استصحاب عدم إيصال الحكم المشكوك وصوله ، فهناك احكام شرعية لم تصلنا لعدم اهميّتها في نظر المشرّع الحكيم وهي ما يسمّونه بمنطقة الفراغ والتي يجري فيها الفقهاء الاصول العملية ، وبالتالي يثبت الترخيص ، فإذا عرفت هذا فلنعبّر عن هذا الاستصحاب باستصحاب براءة الذمّة.
(إذن) ما هو المرجع في الشبهات الحكمية؟
فنقول : المرجع في الشبهات الحكمية هو استصحاب براءة الذمّة ، ففي مثال المرأة التي نقت وقبل ان تغتسل يرجع في جواز مسّها إلى هذا الاستصحاب ، وكذا في مثال من فقد الطهورين في وقت الصلاة وشككنا في بقاء وجوب الصلاة فانّه لا يجب عليه الصلاة