ولعلّ فايدة الاعتراض بمثله الإشعار بأنّ تناولها فسوق وحرمتها من جملة الدّين الكامل والنّعمة والإسلام المرضيّ.
والمعنى فمن اضطرّ الى تناول شيء من هذه المحرّمات (فِي مَخْمَصَةٍ) في مجاعة بحيث لا يمكنه الامتناع من الأكل ، وأصل الخمص ضمور البطن.
(غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ) غير مائل أو منحرف اليه والتجانف الميل والانحراف من جنف القوم إذا مالوا وانتصاب غير على الحالية من ضمير اضطرّ اى من اضطرّ إلى أكل الميتة وما عدّده من المحرّمات عند المجاعة الشّديدة غير مائل إلى الإثم بأن يأكل زيادة على قدر الحاجة أو يقصد التّلذّذ.
(فَإِنَّ اللهَ غَفُورٌ) لذنوبه (رَحِيمٌ) به فلا يؤاخذه بأكله ولم يرد انّه يغفر له عقاب ذلك لانّه أباحه له ولا عقاب على المباح ويحتمل أن يكون المراد أنّه غفور لذنوب عباده رحيم بهم حيث أباح لهم حال الخوف على النّفس ما كان محرّما عليهم ولم يحكم باستمرار التّحريم وعدم الأكل حتّى يموتوا فإنّ الرّحمة تنافي ذلك.
الثانية :
(قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ) اى في القرآن أو فيما اوحى الىّ مطلقا سواء كان قرآنا أو لا وفيه تنبيه على أنّ التحريم انّما يعلم بوحي الله اليه وكذا غيره من الأحكام انّما يعلمه صلىاللهعليهوآلهوسلم بالوحي لا بغيره فإنّه قول عن الهوى وما ينطق عن الهوى ان هو إلّا وحي يوحي.
(مُحَرَّماً) طعاما محرّما (عَلى طاعِمٍ يَطْعَمُهُ) الوصف للتّأكيد كما في (طائِرٍ يَطِيرُ بِجَناحَيْهِ).
(إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) وهي ما فارقته الرّوح بغير ذبح شرعيّ سواء كان ذكرا أو أنثى وقرئ الفعل على الغيبة وميتة بالرّفع على انّ كان تامّة.
(أَوْ دَماً مَسْفُوحاً) مصبوبا كالدم في العروق لا كالطّحال وان كان حراما لدليل من خارج وخصّ المصبوب بالذكر لانّ ما يختلط باللّحم منه ممّا لا يمكن تخليصه منه