على شيء إلّا عن كتاب أو سنّة فكيف يقال : انّها إذا اجتمعت على شيء لا يجب عليها الرّد الى الكتاب والسنّة وقد ردت إليهما.
قلت : في كلا الوجهين بعد إذ يجوز أن يكون المستدلّ بها من يقول بحجيّة مفهوم الشّرط ومن عداه يستدلّ بغيرها على حجيّة الإجماع ، وبانّ الظّاهر من الرّدّ إليهما الرّدّ الى صريحهما ومع الاتّفاق يكفي في صحّة ما أجمعوا عليه الاستنباط عنهما كما يقوله المخالف.
والحقّ أنّ هذا الشّرط لا عبرة بمفهومه فانّ الردّ الى الله والرّسول عندنا ثابت في جميع الاحكام اختلف فيها أو اتّفق خصوصا بعد ما ثبت بالأدلّة القطعيّة أنّ حجيّة الإجماع لدخول المعصوم الّذي يمتنع عليه الخطا وما بينّاه من أنّ الرّدّ الى الله والرّسول الرّدّ الى اولي الأمر فتأمّل.
والمذكور في التّفسير الكبير للرّازى : «أنّ قوله (فَإِنْ تَنازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ) إلخ إشارة إلى الحكم بالقياس وتكون الإشارة إلى الإجماع حاصلة من قوله : واولى الأمر منكم.
قال : فحاصل الآية الخطاب لجميع المكلّفين بطاعة الله تعالى ثم لمن عدا الرّسول بطاعة الرّسول ثمّ لما سوى أهل الحلّ والعقد بطاعتهم ثم أمر أهل استنباط الأحكام من مداركها ان وقع اختلاف واشتباه بين النّاس في حكم واقعة أن يستخرجوا لها وجها من نظائرها وأشباهها» انتهى ولا يخفى بعده فانّ القياس ممّا وقع النّهى عن اتباعه في كلام الله والرّسول على ما ثبت في محلّه فكيف يكون مأمورا بالرّجوع اليه.
ثمّ أكّد ما تقدّم بقوله (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يَزْعُمُونَ أَنَّهُمْ آمَنُوا بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ) من القرآن (وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) من التّوراة والإنجيل (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) قيل : هو كعب بن الأشرف ، وقيل : هو كاهن من جهينة أراد المنافق أن يتحاكم إليه ، والمروي عن أئمّتنا عليهمالسلام ان المعنىّ به كلّ من يتحاكم اليه ممّن يحكم بغير الحقّ. وأصل الطّاغوت طغيوت قدّمت الياء على العين