أن تُوَصِّيَني بكلِّ ما أهمَّكَ.
ثمّ تراجعَ القومُ إِلى الحسينِ عليهالسلام فحملَ شمرُ بنُ ذي الجوشنِ لعنَه اللّهُ على أهلِ الميسرةِ فثبتوا له فطاعَنوه ، وحُمِلَ على الحسينِ وأصحابِه من كلِّ جانبِ ، وقاتلَهم أصحابُ الحسينِ قتالاً شديداً ، فأخذتْ خيلهُم تَحملُ وَانّما هي اثنان وثلاثونَ فارساً ، فلا تحملُ على جانبٍ من خيلِ الكوفةِ إلاّكشفتْه.
فلمّا رأى ذلكَ عروةُ بنُ قيس ـ وهوعلى خيلِ أهلِ الكوفة ـ بعثَ إِلى عمر بن سعدٍ : أما ترى ما تلقى خيلي منذ اليوم من هذه العِدّةِ اليسيرةِ ، ابعثْ إِليهم الرِّجالَ والرُّماةَ. فبعثَ عليهَم بالرُّماة ِ فعُقِرَ بالحرِّ بنِ يزيدَ فرسُه فنزلَ عنه وجعلَ يقولُ :
إِنْ تَعقِرُوْا بِيْ فأنَا ابْنُ
الْحُرِّ |
|
أشْجَعُ مِنْ ذِيْ لِبَدٍ (١) هِزبْرِ |
ويضربهُم بسيفِه وتكاثروا عليه فاشتركَ في قتِله أيّوبُ بنُ مُسَرِّحٍ ورجلٌ آخرٌ من فُرسانِ أهلِ الكوفةِ.
وقاتلَ أصحابُ الحسينِ بنِ عليّ عليهالسلام القومَ أشدَّ قتالٍ حتّى انتصفَ النّهارُ. فلمّا رأى الحصينَ بنُ نمَير ـ وكانَ على الرُّماةِ ـ صبرَ أصحاب الحسينِ عليهالسلام تقدّمَ إِلى أصحابه ـ وكانوا خمسمائةِ نابلٍ ـ أن يَرشُقوا أصحابَ الحسينِ عليهالسلام بالنَّبْلِ فرشقوهم ، فلم يَلبثوا أن عقروا خيولَهم وجرحوا الرِّجالَ ، وأرجلوهم. واشتدَّ القتالُ
__________________
(١) في هامش «ش» يقال للأسد: ذو اللِبَد وذو اللبدتين ، واللبدة : ما اجتمع على قفا الأسد من الشعر.