هذه الحالِ (١) في طلبِ الدُّنيا! أشهد لأعِظَنَّه ؛ فدنوتُ منه فسلّمتُ عليه ، فسلّمَ علي بِبُهْر (٢) وقد تصبّبَ عرقاً ، فقلتُ : أَصّلحكَ اللّهُ ، شيخٌ من أَشياخِ قُريشٍ في هذه السّاعةِ على مثلِ هذه الحالِ في طلب الدُّنيا! لوجاءَكَ الموتُ وأَنتَ على هذه الحالِ؟!
قالَ : فخلّى عنِ الغلامينِ من يدِه ، ثمّ تسانَد وقالَ : «لو جاءَني والله الموتُ وأَنا ( في هذه ) (٣) الحالِ ، جاءَني وأَنا في طاعةٍ من طاعاتِ اللهِّ ، أكفُّ بها نفسي عنكَ وعنِ النّاسِ ، وِانّما كنتُ أَخافُ الموتَ لوجاءَني وأَنا على معصيةٍ من معاصي اللهِ ».
فقلتُ : يرحمُكَ اللهّ ، أَردتُ أَن أعِظَكَ فوعظتني (٤).
أَخبرَني الشّريفُ أبو محمّدٍ الحسنُ بنُ محمّدٍ قالَ : حدّثَني جدِّي قالَ : حدّثَني (شيخٌ من أَهلِ الرّيِّ ) (٥) قد عَلَتْ سِنُّه قالَ : حدّثَني يحيى ابن عبدِ الحميدِ الحِمّاني ، عن معاوية بن عمّارٍ الدُّهني ، عن محمّدِ بن عليِّ ابنِ الحسينِ عليهمالسلام في قولِ الله عزَّوجلَّ : ( فَاسْئَلوْا أًهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كنْتمْ لا تَعْلَمُوْنَ ) (٦) قالَ : «نحنُ أَهلُ الذِّكرِ».
__________________
(١) في «ش» : الحالة.
(٢) البهر: تتابع النفس. «الصحاح ـ بهر ـ ٢ : ٥٩٨».
(٣) في هامش «ش» : على هذه.
(٤) رواه الكليني في الكافي بسند آخر عن ابن ابي عمير٥ : ٧٣ / ١٠ ، والشيخ الطوسي في التهذيب ٦ : ٣٢٥ / ٨٩٤ ، ومختصراً في المناقب لابن شهرآشوب ٤ : ٢٠١ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٦ : ٢٨٧.
(٥)كذا في «ش» و «م» ، وفي «ح » : شيخ من مشايخ الري ، وقد جعل في هامش «ش» : من أشياخ ، ومثله في هامش «م» بدون «من» والظاهرأن المراد ان في بعض النسخ ( أشياخ ) بدل ( أهل ).
(٦) النحل ١٦ : ٤٣ ، الانبياء ٢١ : ٧.