أرسلَني أبي إِليكم أسأَلُكم لأيِّ شيءٍ اجتمعتم؟
فقالَ عبدُاللهِ : اجتمعْنا لنبايعَ المهديَ محمّدَ بنَ عبدِاللهِ.
قالَ : وجاءَ جعفرُ بنُ محمّدٍ فأَوسعَ له عبدُاللهِّ بن حسن إِلى جنبِه ، فتكلّمَ بمثلِ كلامِه.
فقالَ جعفرٌ : «لا تَفْعلوا ، فإِنّ هذا الامرَ لم يأْتِ بَعدُ ، إِن كنتَ ترى ـ يعني عبدَاللهِ ـ أنّ ابنَكَ هذا هو المهديّ ، فليسَ به ولا هذا أوانهُ ، وان كنتَ إِنّما تريدُ أَن تخرِجَه غضباً للهِ وليأْمرَ بالمعروفِ وينهى عنِ المنكرِ ، فإِنّا واللهِ لا نَدَعُكَ ـ وأنتَ شيخُنا ـ ونبايع ابنَكَ فَي هذا الأمرِ».
فغضبَ عبدُاللهِ وقالَ : لقد علمتُ خلافَ ما تقولُ ، وواللهِ ما أَطْلَعَكَ الله على غيبِه ، ولكنّه يَحْمِلُكَ على هذا الحسد لابْني.
فقالَ : «واللهِّ ما ذاكَ يَحمِلُني ، ولكنْ هذا وِاخوتُه وأَبناؤهم دونَكمِ » وضربَ بيدِه على ظهرِ (أبي العبّاسِ ) (١) ثمّ ضربَ بيدِه على كتفِ عبدِاللهِّ ابن حسنٍ وقالَ : «إِنّها ـ والله ـ ما هي إِليكَ ولا إِلى ابنَيْكَ ولكنّها لهم ، وِانّ ابنيْكَ لمَقتولانِ » ثمّ نهضَ وتوكّأ على يدِ عبدِ العزيزِ بنِ عِمْرانَ الزُّهْريِّ فقالَ : «أَرأَيتَ صاحبَ الرِّداءِ الأصفرِ؟» يعني (أَبا جعفر ) (٢) فقالَ له : نعم ، فقالَ : «إِنّا واللهِّ نَجِدُه يَقتله» قالَ له عبدُ العزيزِ: أَيَقتِلُ محمّداً؟ قالَ : «نعم ».
فقلتُ في نفسي : حَسَدَه وربِّ الكعبةِ! قالَ : ثُمَّ واللهِ ما خرجتُ
__________________
محمد بن عبدالله الارقط بن علي بن الحسين فجئناهم ... الخ.
(١) في هامش «ش» : كأنه أبو العباس السفاح.
(٢) هو أبو جعفر المنصور.