قالَ : فخرجتُ فوجدتُ حُمرانَ بنَ أَعْينَ ـ وكانَ يُحْسِنُ الكلامَ ـ ومحمّدَ بنَ النًّعمانِ الأحْوَلَ (١) ـ وكان متكلِّماً ـ وهِشامَ بنَ سالمٍ وقيسَ الماصرَ ـ وكانا متكلِّمَيْنِ ـ فأَدخلْتُهم عليه ، فلمّا استقرَّ بنا المجلس ـ وكنّا في خيمةٍ لأبي عبدِاللهِ عليهالسلام على طرفِ جبلٍ في طرفِ الحرمِ ، وذلكَ قبلَ الحجِّ بأَيّامٍ ـ أَخرجَ أَبو عبدِاللهِ رأْسَه منَ الخيمةِ ، فإِذا هو ببعيرٍ يَخُبُ (٢) فقالَ : «هشامٌ وربِّ الكعبةِ».
قالَ : فظننّا أَنّ هِشاماً رجلٌ من ولدِ عقيلٍ كانَ شديدَ المحبّةِ لأبي عبدِاللهِ ، فإِذا هشامُ بنُ الحكمِ قد وردَ ، وهو أَوّل ما اختطّتْ لحيتُه ، وليسَ فينا إِلّا من هوأَكبرُسنّاً منه ، قالَ : فوسّعَ له أَبوعبدِاللهِ عليهالسلام وقالَ : « ناصِرُنا بقلبِه ولسانِه ويدِه ».
ثمّ قالَ لحُمرانَ : «كلِّم الرّجلَ » يعني الشّاميَّ ، فكلّمَه حُمرانُ فظَهَرعليه.
ثمّ قالَ : «يا طاقيُّ كلِّمْه » فكلّمَه فظَهَرعليه محمّدُ بنُ النُّعمانِ.
ثمّ قالَ : «يا هشامَ بنَ سالمٍ كلِّمْه » فتعارفا.
ثمّ قالَ لقيسٍ الماصرِ: «كلِّمْه » فكلّمَه ، وأَقبل أَبو عبدِاللهِ عليهالسلام يتبسّمُ من ، كلامِهما ، وقدِ استخذلَ الشّاميُّ في يدِه.
ثمّ قالَ للشّاميِّ : «كلِّمْ هذا الغلامَ » يعني هشامَ بنَ الحكمِ.
فقالَ : نعم ، ثمّ قالَ الشّاميُّ لهشامٍ : يا غلامُ ، سَلْني في إِمامةِ
__________________
(١) في هامش «ش» : يعني مؤمن الطاق.
(٢) الخبب : ضرب من العدو ، وخب الفرس إذا راوح بين يديه ورجليه. «الصحاح ـ خبب ـ ١ : ١١٧».