أُطِيعَ فيما أَمرَ وانْتُهِيَ عمّا زَجَرَ ، اللهًّ عزَّ وجلَّ المنشىءُ للأرواحِ والصُّورِ».
فقالَ له ابنُ أَبي العوجاءِ : ذكرتَ ـ أَبا عبدِاللهِّ ـ فأَحَلْتَ على غائِبٍ.
فقالَ الصّادقُ عليهالسلام : «كيفَ يكونُ ـ يا ويلَكَ ـ عَنَّا غائباً من هو معَ خلقِه شاهدٌ ، وِاليهم أقربُ من حبلِ الوريدِ؟! يسمعً كلامَهم ويعلمُ اسرارَهم ، لا يخلو منه مكانٌ ، ولا يشتغل به مكانٌ ، ولا يكونُ إِلى مكانٍ أَقربَ من مكانٍ ، تشهدُ له بذلكَ آثارُه ، وتدلُّ عليه أَفعالهُ ، والّذي بعثَه بالآياتِ المُحكَمةِ والبراهينِ الواضحةِ محمّد صلىاللهعليهوآله جاءَنا بهذه العبادةِ ، فإِن شككتَ في شيءٍ من أَمرِه فاسأَل عنه أُوْضِحْه لكَ ».
قالَ : فأَبلسَ ابنُ أَبي العوجاءِ ولم يَدرِ ما يقولُ ، فانصرفَ من بينِ يديه ، وقالَ لأصحابه : سأَلتكُم أَن تلتمسوا لي خُمرة فالقَيتموني على جَمرةٍ ، قالوا له : اسكَتْ ، فواللهِّ لقد فَضَحْتَنا بِحَيْرتِكَ وانقطاعِكَ ، وما رأَيْنا أحقرَ مِنكَ اليومَ في مجلسِه ؛ فقالَ : أَلي تَقولونَ هذا؟! إِنه ابنُ من حلقَ رؤوسَ من تَرَوْنَ ، وأَومأ بيدِه إِلى أَهلِ الموسم (١).
وُرويَ : أنّ أبا شاكرِ الدّيصانيّ وقفَ ذاتَ يومٍ في مجلسِ أَبي عبدِاللهِ عليهالسلام فقالَ له : إِنّكَ لأحدُ النجُّومِ الزّواهرِ ، وكانَ آباؤكَ بُدوراً بَواهِرَ ، وأُمّهاتكَ عقيلاتٍ عَباهِرَ (٢) ، وعُنصرُكَ من أَكرمِ العناصرِ ، وإذا
__________________
(١) روى الكليني قطعة منه في الكافي ٤ : ١٩٧ / ١ ، والصدوق في الامالي : ٤٩٣ / ٤ ، والعلل : ٤٠٣ / ٤ ، والطبرسي في الاحتجاج : ٣٣٥ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٢٠٩ / ١١.
(٢) ألعبهرة :هي المرأة التى جمعت الحُسْن والجسم والخُلق «لسان العرب ـ عبهر ـ ٤ : ٥٣٦».