تنفعُ فِى الاستنباطِ إِلّا بدليلٍ ، كما لا تقطعُ الظُّلمةُ بغيرِ مصباح » (١) يُريدُ عليهالسلام أَنّ الحواسَّ بغيرِعقلٍ لا تُوصِلُ إِلى معرفةِ الغائباتِ ، وأَنّ الّذي أراه من حُدوثِ الصُّورةِ معقولٌ ِبنيَ العلمُ به على محسوسٍ.
فصل
وممّا حُفِظَ عنه عليهالسلام في وجوبِ المعرفةِ باللهِّ تعالى وبدينهِ ، قولُه : «وجدتُ علمَ النّاسِ كلِّهم في أَربعٍ : أَوّلها : أَنْ تَعرفَ ربَّكَ ؛ والثّاني : أَن تَعرفَ ما صَنعَ بكَ ؛ والثّالثُ : أَن تَعرفَ ما أَرادَ منكَ ؛ والرّابعُ : أَن تعرفَ ما يُخرجًكَ عن دينكَ » (٢).
وهذه أقسامٌ تُحيط بالمفروضِ منَ المعارفِ ، لأنه أَوِّلُ ما يجبُ على العبدِ معرفةُ ربَه ـ جلَّ جلالُه ـ فإِذا علمَ أَنّ له إِلهاً ، وجبَ أَن يَعرفَ صُنعَه إِليه ، فإِذا عرفَ صُنعَه عرفَ به نعمتَه ، فاذا عِرفَ نعمتَه وجبَ عليه شكرُه ، فإِذا أَراد تأْديةَ شُكرِه ، وجبَ عليه معرفةُ مُرادِه ليُطِيعَه بفعلِه ، واذا وجبَ عليه طاعته ، وجبَ عليه معرفةُ ما يخرجه من دينهِ ليجتنبَه فتَخْلُص له طاعة ربِّه وشُكرُ إِنعامِه.
__________________
(١) رواه الصدوق في التوحيد : ٢٩٢ / ١ ، باختلاف يسير ، وروى الكليني قطعة منه في الكافي ١ : ٦٣ / ذيل ح ٤ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ١٠ : ٢١١ / ١٢.
(٢) الكافي ١ : ٤٠ / ١١ ، الخصال : ٢٣٩ / ٨٧.