عليَّ بن يقَطين ، تَوَضَّأ كما أَمَرَ اللهُّ ، اغْسلْ وَجْهَكَ مَرّةً فريضةً وأًخْرى إِسباغاً ، وَاغْسلْ يَدَيْكَ مِنَ المِرْفَقَيْنِ كذلكَ ، وَامْسَحْ بِمُقَدَمِ رَأْسِكَ وَظاهِرِ قَدَمَيْكَ مِنَ فَضلِ نَداوَةِ وُضُوئكَ ، فَقَدْ زالَ ما كان يُخافُ عَلَيْكَ ، والسَّلام » (١).
ورَوى عليُّ بن أَبي حَمْزةَ البطائني ، قال : خَرَجَ أَبو الحسن موسى عليهالسلام في بَعْضِ الأيّام مِنَ المدينة إِلى ضَيْعَةٍ له خارجةٍ عنها ، فصَحِبْتُهُ أَنا وكانَ راكباً بَغْلَةً وأَنَا على حِمارٍ لي ، فَلمّا صِرْنا في بَعْضِ الطريقِ اعْتَرَضَنا أَسَدٌ ، فأَحْجَمْتُ خَوْفاً وأَقْدَمَ أَبو الحسن موسى عليهالسلام غيرَمُكْتِرثٍ به ، فَرَأَيْتُ الأسدَ يَتَذَلّلُ لأبي الحسن عليهالسلام ويهُمْهِمُ ، فَوَقَفَ له أَبو الحسن عليهالسلام كالمُصْغي إِلى هَمْهَمَتِهِ ، ووَضعَ الأسدُ يَدَهُ على كَفَلِ بَغْلَتِهِ ، وقَدْ هَمَّتني نَفْسي من ذلك وخِفْت خَوْفاً عظيماً ، ثمَّ تَنَحّى الأسَدُ إِلى جانبِ الطريقِ وحَوَلَ أَبو الحسن وَجْهَهُ إِلى الْقِبْلَةِ وجَعَلَ يَدْعو ، ويحَرِّكُ شَفَتَيْهِ بما لَمْ أَفْهَمْه ، ثم أَومَأَ إِلى الأسَدِ بيَدِهِ أَن امْضِ ، فَهَمْهَمَ الأسَدُ هَمْهَمَةً طويلةً وأَبو الحسن يَقُول : «آمينَ آمينَ » وَانصَرَفَ الأسَدُ حتّى غابَ مِنْ بَيْنِ أَعْيُنِنا.
ومَضى أَبو الحسن عليهالسلام لِوَجْهِهِ وَاتَّبَعْتُه ، فَلمّا بَعُدْنا عَن المَوْضِعِ لَحِقْتُهُ فَقُلْتُ لَه : جعِلْت فِداكَ ، ما شأنُ هذا الأسدُ؟ فَلَقَدْ خِفْتهُ ـ واللهِ ـ عليكَ ، وعَجِبْتُ مِنْ شَأنِهِ معك. فقالَ لي أَبوالحسن عليه
__________________
(١) ذكره مختصرا ابن شهرآشوب في المناقب ٤ : ٢٨٨ ، والراوندي في الخرائج والجرائح ١ : ٢٦ / ٣٣٥ ، وذكره مرسلاً الطبرسي في اعلام الورى : ٢٩٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٨ :٣٨ / ١٤.