الخروج ، فاسْتَدْعاهُ أَبو الحسن فَقالَ له : «أَنتَ خارِجٌ؟» قالَ : نعَمْ ، لا بُدّ لي مِنْ ذلك. فقالَ له : « اُنْظُرْ ـ يَا بْنَ أَخي ـ واتَّقِ اللهَّ ، ولا تؤتم أَوْلادي » وأَمَرَ له بثلاثمائةِ دينارٍ وأَربعةِ آلافِ درهمٍ ، فَلمّا قام من بين يديه قالَ أَبو الحسن موسى عليهالسلام لِمَنْ حضره : «والله ليَسْعَينًّ في دَمي ، وُيؤْتمنَّ أوْلادي » فقالُوا له : جَعَلَنا اللهُ فداكَ ، فأَنْتَ تَعْلَمُ هذا مِنْ حالِهِ وتُعْطِيه وتَصلُه! قالَ لهم : «نعمْ ، حَدَّثَني أَبي ، عَنْ آبائِهِ ، عَنْ رَسوُلِ اللهِ صلىاللهعليهوآله ، أَنَّ الرَّحِمَ إِذا قُطِعَتْ فَوُصِلَتْ فَقُطِعَتْ قَطَعَها الله ، وِانَّني أَرَدْتُ أَنْ أَصِلَهُ بَعْدَ قَطْعِهِ لي ، حتّى إِذا قَطَعَني قَطَعَهُ اللهُ ».
قالُوا : فَخَرَجَ علي بن إِسماعيل حتّى أَتى يحيى بن خالد ، فَتَعرَّفَ مِنْه خَبَر موسى بن جعفر عليهماالسلام ورَفَعَهُ الى الرَّشيدِ وزادَ عليه ، ثم أَوْصَلَهُ إِلى الرًشيدِ فَسَأَله عَنْ عَمِّهِ فَسَعى به إِليه وقالَ له : إنَ الأَموال تُحمَلُ إِليه من المَشْرِقِ والمَغْرِب ، وأنه اشترى ضيعةً سمّاها اليَسيرَةَ بثلاثين أَلف دينار ، فقالَ له صاحِبُهَا ـ وقَدْ أَحْضَره المال ـ لا اخُذُ هذا النَّقْدُ ، ولا آخُذُ إِلا نَقْدَ كذا وكذا ، فأَمَرَ بذلك المال فرُدَّ وأَعطاه ثلاثين أَلف دينارٍ من النَّقْدِ الَّذي سَأَلَ بعَيْنِه. فَسَمِعَ ذلك منه الرَّشيدُ وأمَرَ له بمائتي أَلفِ درهمٍ تَسْبيباً (١) على بَعْضَِ النَّواحي ، فاخْتارَ بَعْضَ كُوَرِ المَشْرِقِ ، ومَضَت رُسُلُه لِقَبْضِ المالِ وأَقامَ يَنْتَظِرهُمْ ، فَدَخَلَ في بَعْضِ تلك الأيام إِلى الخلاءِ فَزَحَر زَحْرَةً خَرَجَتْ منها حشْوَتُهُ (٢) كُلُّها فَسَقَطَ ، وجَهَدُوا في
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : سُبِّبَ.
وسبِّبَ مشتق من السبب ، وهو كل ما يتوصل به الى الشيء ، ومن هذا الباب تسبّبُ مالِ الفيء ، لانّ المسبّب عليه المال جعل سبَباً لوصول المال الى من وجب له من أهل الفيء. «تهذيب اللغة ـ سبب ـ ١٢ : ٣١٤ ، لسان العرب ـ سبب ـ ١ : ٤٥٨».
(٢) في هامش «ش» : الحشوة: ما في البطن.