عُمَرَ بنَ عليٍّ معَكَ في صدقةِ أبيه ، فإِنّه عمُكَ وبقيّةُ أهلِكَ ، فقالَ له الحسنُ : لا أُغيّرُشرطَ عليٍّ ولا أُدْخِلُ فيها من لمِ يُدْخِلْ ، فقالَ له الحَجَّاجُ : إِذاً أُدْخِله أنا معَكَ.
فنكصَ الحسنُ بنُ الحسنِ عنه ( حتّى غفلَ ) (١) الحَجَّاجُ ، ثمّ توجّهَ إِلى عبدِ الملكِ حتّى قَدِمَ عليه فوقفَ ببابهِ يَطلُبُ الإذن ، فمرّ به يحيى بن أُمِّ الحَكَمِ فلمّا رآه يَحيى مالَ إِليه وسلّمَ عليه وسألَه عن مَقدَمِه وخبرِه ، ثمَّ قالَ : إِنِّي سأنفعُكَ عندَ أميرِ المؤمنينَ ـ يعني عبدَ الملكِ ـ فلمّا دخلَ الحسنُ ابنُ الحسنِ على عبدِ الملكِ رَحّبَ به وأحسنَ مُسَاءَلَتَه ، وكانَ الحسنُ قد أسرعَ إليه الشَّيبُ ، ويَحيى بن أُمِّ الحكمِ في المجلسِ ، فقالَ له عبدُ الملكِ : لقد أسرعَ إليكَ إليكَ الشيبُ يا با محمّدٍ ، فقالَ يَحيى : وما يمنعُه يا أمير المؤمنينَ؟ شيَّبَه أمانيُّ أهلِ العراقِ ، يَفِدُ (٢) عليه الرّكبُ يُمَنُّونَه الخلافةَ. فأقبلَ عليه الحسنُ فقالَ : بئْسَ والله الرِّفدُ رَفَدْتَ ، لست (٣) كما قلتَ ، ولكنّا أهلُ بيتٍ يُسرعُ إِليناَ الشَّيبُ. وعبدُ الملكِ يَسمعُ ، فأقبلَ عليه عبدُ الملكِ فقالَ : هلّم بما (٤) قدمتَ له ، فاخبرهَ بقولِ الحجّاج فقالَ : ليس ذلكَ له ، أكْتُبُ إِليه كتاباً لا يتجاوزه. فكتبَ إِليه ووصلَ الحسنَ بنَ الحسنِ فأحسنَ صِلَتَه.
فلمّا خرجَ من عندِه لَقِيَه يَحيى بن أُمِّ الحكمِ ، فعاتبَه الحسن على
__________________
(١) كذا في النسخ الثلاث ، لكن في هامش «ح » والبحار: حين غفل ، والظاهر ان الصحيح : حتى قفل ـ بالقاف ـ أي رجع. انظر مختصر تاريخ دمشق ٦ : ٣٣٠.
(٢) في «م» وهامش «ش» : يغدو.
(٣) في هامش «ش» : ليس.
(٤) في «م» وهامش «ش» : ما.