فإِنَّني لا أجدُ مَحيصاً عنه ، فقالَ له الرضا عليهالسلام : «فإِنّي أجيبُك (١) إِلى ما تُريدُ من ولايةِ العَهْدِ ، على أَنّني لا آمُر ولا أَنهى ولا اُفْتي ولا أَقْضي ولا أُوَلّي ولا أَعْزلُ ولا أُغَيِّرُ شَيْئاً ممّا هو قائم » فأَجابَه المأَمونُ إِلى ذلك كلِّه.
أَخْبَرني الشريفُ أبو محمد الحسنُ بن محمد قالَ : حدَّثنا جَدِّي قالَ : حدَّثني (٢) موسى بن سلمة قالَ : كُنْتُ بخراسان مع محمّد بن جعفر ، فسَمِعْتُ أَنَّ ذا الرئاستين خَرَجَ ذاتَ يَوْمِ وهو يقولُ : وا عجباه وقد رَأَيْتُ عَجَباً ، سَلُوني ما رَأَيْتُ؛ فقالوا : وما رَأَيْت أَصلَحكَ اللهُّ؟ قالَ : رَأَيْتُ المأمون أَميرَ المؤمنينَ يَقولُ لعليّ بن موسى الرضا : قد رَأَيْتُ أَنْ اقلدك أُمورَ المسلمينَ ، وأَفْسَخَ ما في رقَبتي وأَجْعَلَه في رَقَبَتِك ، ورأَيْتُ عليَّ بن موسى يَقُولُ : «يا أَميرَ المؤمنين لا طاقَة لي بذلك ولا قوّة» فما رَأَيْتُ خلافة قَطُّ كانت أَضْيَعَ منها ، إِنّ أَميرَ المؤمنينَ يَتَفَصّى (٣) منها ويَعْرِضُهَا على عَليِّ بن موسى وعَليُّ بن موسى يَرْفُضُها ويأبى (٤).
وذَكَر جماعةٌ من أَصحاب الأخْبارِ ورُواة السِيَر والآثارِ وأيامِ الخُلفاءِ : أَنَّ المأمون لمّا أَرادَ العقدَ للرضاَ عليِّ بن موسى عليهالسلام وحَدَّثَ نَفْسَه بذلك ، أَحْضَر الفَضْلَ بن سهل فأَعْلَمَه ما قد عَزَمَ عليه من ذلك وأَمَرَه بالاجتماعِ مع أَخيه الحسن بن سهل على ذلك ، ففَعَلَ واجْتَمعا بحضرته ،
__________________
(١) في «م» :مجيبك.
(٢) في هامش «ش» : حدثنا ، وكان في جنبه علامة التصحيح.
(٣) في هامش «ش» و «م» : يتفصّى : اي يتنصّل.
(٤) عيون اخبار الرضا عليهالسلام ٢ : ١٤١ / ٦ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٤٩ : ١٣٦ / ١١.