ثم دَعا أبو عَبّاد بالعباس بن المأمون ، فوَثَبَ فدَنا من أَبيه فَقبَّلَ يَدَه ، وأَمَرَه بالجلوسِ ، ثم نُودِيَ محمّدُ بن جعفر بن محمد وقالَ له الفَضْلُ بن سهل : قُمْ ، فقامَ فمشى حتى قَرُبَ من المأمونِ فوَقَفَ ولم يُقبِّل يَدَه ، فقيل له : امْضِ فخُذْ جائِزَتَك ، وناداه المأمون : ارْجِعْ يا أباجعفر إِلى مَجْلِسِك ، فرَجَعَ ، ثم جَعَلَ أَبو عبّادٍ يَدْعُو بعَلَوِيّ وعَبّاسِيٍّ فيَقْبضان جوائزَهما حتى نَفِدَت الأموالُ ، ثم قالَ المأمون للرضا عليهالسلام : اُخطُب الناسَ وتَكَلَّمْ فيهم ، فحَمدَ اللّهَ واثْنى عليه وقالَ : «إِنَّ لنا عليكم حقّاً برسولِ اللّه ، ولكم علينا حقّاً به ، فإِذا أَدَّيْتُمْ إِلينا ذلك وَجَبَ علينا الحقُّ لكم » ولم يُذْكَرْ عنه غير هذا في ذلك المجلس.
وأَمَرَ المأمونُ فضُرِبَتْ له الدراهم وطُبِعَ عليها اسمُ الرضا عليهالسلام ، وزَوَّجَ إِسحاقَ بن موسى بن جعفر بنتَ عمِّه إسحاق بن جعفر ابن محمّد ، وأَمَرَه فحجّ بالناس (١) ، وخُطِبَ للرضا عليهالسلام في كلِّ بلد بولايةِ العَهْدِ (٢).
فرَوى أَحمدُ بن محمد بن سعيد قالَ : حَدَّثَني يحيى بن الحسن العلوي قالَ : حَدَّثَني من سَمِعَ (عَبْدَ الجبار بن سعيد ) (٣) يَخْطُبُ في تلك السنةِ على منبرِ رسولِ اللّه صلىاللهعليهوآله ، بالمدينةِ ، فقالَ في الدعاء له : وليُّ عهد المسلمينَ عليُّ بن موسى بن جعفر بن محمد بن عليّ بن الحسين بن عليّ بن
__________________
(١) في هامش «ش» : فحج بالناس : أي صار أمير الحاج.
(٢) مقاتل الطالبيين : ٥٦٢ ـ ٥٦٥ ، الفصول المهمة : ٢٥٥ ، اعلام الورى : ٣٢٠ ، ونقله العلاّمة المجلسي في البحار ٤٩ :١٤٥ / ١٣.
(٣) كذا في النسخ ، وفي العيون : عبد الجبار بن سعيد بن سليمان المساحقي ، وفي البحار عن ألارشاد: عبد الحميد بن سعيد.