أَنَّ ذلك من لطيف السمومِ (١).
ولَمّا تُوفِّي الرضا عليهالسلام كَتَمَ المأمونُ مَوْتَه يوماً وليلة ، ثم أَنْفَذَ إِلى محمّد بن جعفر الصادق وجماعة من آل أَبي طالب الّذين كانوا عنده ، فلمّا حَضَروه نَعاهُ إليهم وبكى وأَظْهَرَ حُزْناً شديداً وتَوَجُّعاً ، وأَراهم إيّاه صحيحَ الجسدِ ، وقالَ : يَعز عَلَيَّ يا أَخي أَنْ أراك في هذه الحال ، قد كُنْتُ آمُلُ أَنْ أُقَدَّمَ قَبْلك ، فأَبَى اللهُ إلّا ما أَرادَ ، ثمّ أَمَرَ بغسْلِه وتكْفينه وتَحْنيطه وخَرَجَ مع جنازته يَحْمِلُها حتى انتهى إلى الموضعِ الذي هو مدفونٌ فيه الآن فدَفَنَه. والموضعُ دارُ حُمَيْد بن قَحْطَبة (٢) في قرية يُقالُ لها : «سناباد» على دعوة (٣) من «نوقان » (٤) بأَرضِ طوسٍ ، وفيها قبرُ هارونِ الرشيد (٥) ، وقَبْرُ أَبي الحسن عليهالسلام بين يديه في قِبْلَتِهِ.
ومَضَى الرضا عليُّ بن موسى عليهالسلام ولم يَتْرُكْ ولَداً نَعْلَمُه إلا ابنَه الإمامَ بَعْدَه أَبا جعفر محمد بن عليّ عليهماالسلام وكانت سنُّه يومَ وفاة أَبيه سبعَ سنين وأَشهراً.
__________________
(١) مقاتل الطالبيين : ٥٦٧ ، اعلام الورى : ٣٢٥ ، مناقب آل ابي طالب ٤ : ٣٧٤ ، ونقله العلّامة المجلسي في البحار ٤٩ : ٣٠٨.
(٢) في هامش «ش» : كان قحطبة قد وجهه الخليفة الى بعض الأمور فانجح فقال له : انت قحطبة. فقال : يا أميرالمؤمنين وما معنى ذلك؟ فقال : اردت هبط حق فقلبتُ لئلا يوقف عليه.
(٣) على دعوة: يعني مسافة بلوغ الصوت.
(٤) نوقان : احدى قصبتي طوس ، والاخرى طابران «معجم البلدان ٥ : ٣١١».
(٥) انظر: مقاتل الطالبيين : ٥٦٧.