ثواب الجنّةِ لهما على عملِهما معَ ظاهر الطّفوليّةِ فيهما ، ولم ينزلْ بذلكَ في مثلِهماَ ، قالَ اللّهُ عزّ اسمُه في سورةِ هل أتى : ( وَيُطْعِمُوْنَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِيْنَاً ويَتِيْمَاً وأسِيْرَاً* إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللّهِ لا نُرِيْدُ مِنْكُمْ جَزَاءً وَلاَ شُكُوْرَاً * إِنَّا نَخَافُ مِنْ رَبِّنَا يَوْمَاً عَبُوْسَاً قَمْطَرِيْرَاً * فَوَقَاهُمُ اللّهُ شَرَّ ذَلِكَ الْيَوْمِ وَلَقّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُوْرَاً * وَجَزَاهُمْ بِمَا صَبَرُوْا جَنَّةً وَحَرِيْر ) (١) فعمَّهما هذا القولُ معَ أبيهما وأمِّهما عليهمالسلام ، وتضمَّنَ الخبرُ نُطقَهما في ذلكَ وضميرَهما الدّالّينِ على الآيةِ الباهرةِ فيهما ، والحجّةِ العُظمى على الخلقِ بهما ، كما تضمَّنَ الخبر عن نُطقِ المسيح عليهالسلام في المهدِ وكانَ حُجَّةً لنًبُوَّته ، واختصاصِه منَ اللّهِ بالكرامةِ الدّالّةِ على محلِّه عندَه في الفضلِ ومكانِه.
وقد صرّحَ رسول اللّهِ صلىاللهعليهوآله بالنّصِّ على إِمامتهِ وامامةِ أخيه من قبلهِ بقولهِ : « ابناي هذانِ إِمامانِ قاما أوقعدا» ودَلّت وصيّةُ الحسنِ عليهالسلام إِليه على إِمامتِه ، كما دَلّتْ وصيّةُ أميرِ المؤمنينَ إِلى الحسنِ على إِمامتهِ ، بحسبِ ما دَلّتْ وصيّةُ رسولِ اللّهِ صلىاللهعليهوآله إِلى أميرِ المؤمنينَ على إِمامتهِ من بعدِه.
فصل
فكانتْ إِمامةُ الحسينِ عليهالسلام بعدَ وفاةِ أخيه بما قدّمناه ثابتةً ، وطاعتُه ـ لجَميعِ الخلقِ ـ لازمة ، وِإن لم يَدْعُ إِلى نفسِه عليهالسلام
__________________
(١) الانسان ٧٦ : ٨ ـ ١٢.