واستخفافهِ بقَدْرك ، وعندما قَرَفَك (١) به ونسبكَ إِليه من الأمر الذي عَلِمَ أَميرُ المؤمنين براءَتك منه ، وصِدْقَ نِيَّتك في بِرِّك وقَوْلك ، وأنّكَ لم تُؤَهِّلْ نَفْسَك لما قُرِفْتَ بطَلَبِه ، وقد وَلّى أَميرُالمؤمنين ما كان يلي من ذلك محمّدَ ابن الفَضْل ، وأَمَرَه بإِكرامِك وتَبْجيلِكَ والانتهاءِ إِلى أَمْرِك ورأيِك ، والتقرّب إِلى اللهِ والى أميرِ المؤمنين بذلك.
وأَميرُ المؤمنين مُشْتاقٌ إِليك ، يُحِبُّ إِحْداثَ العَهْدِ بك والنظَرَ إليك ، فإِنْ نَشِطْتَ لزيارته والمُقام قِبَلَه ما أَحْبَبْتَ شَخَصْتَ ومَن اخْتَرْتَ من أَهْل بيتك ومَواليك وحَشَمِك ، على مُهلَةٍ وطُمَأْنينَةٍ ، تَرْحَلُ إِذا شِئْتَ وتنزِلُ إذا شِئْتَ وتَسيرُ كيف شِئْتَ ، وإنْ أحْبَبْتَ أنْ يَكُونَ يحيى بن هَرْثَمةَ مولى أَمير المؤمنين ومن معه من الجُنْدِ يَرْتَحِلونَ برَحيلكَ ويَسيرونَ بسَيْرك فالأمرُ في ذلك إِليك ، وقد تَقَدَّمْنا إِليه بطاعَتِك ، فاسْتَخرِ اللهَ حتى تُوافيَ أميرَ المؤمنين ، فما أَحَدٌ من إِخوته وولدِه وأَهلِ بيته وخاصّتهِ أَلْطَفَ منه مَنْزِلةً ، ولا أحْمدَ لَه أثَرة ، ولا هو لهم أَنْظَرَ ، وعليهم أشْفَقَ ، وبهم أبَرَّ ، وإليهم أَسْكَنَ ، منه إِليك. والسلامُ عليك ورحمة الله وبركاته.
وكَتَبَ إِبراهيم بن العباس في شهر كذا من سنة ثلاث وأَربعين ومائتين (٢).
فلمّا وَصَلَ الكتابُ إِلى أَبي الحسن عليهالسلام تَجَهَّزَ للرحيل ،
__________________
(١)قرفك : اتهمك «الصحاح ـ قرف ـ ٤ : ١٤١٥ ».
(٢) الكافي ١ : ٤١٩ / ٧ ، عن محمد بن يحيى ، عن بعض اصحابنا قال : اخذت نسخة كتاب المتوكل الى ابي الحسن الثالث عليهالسلام من يحيى بن هرثمة في سنة ثلاث واربعين ومائتين ....