استدعاني في هذا الوقتِ ، ولستُ آمَنُ أن يُكلِّفني فيه أمراً لا أُجيبُه إليه ، وهو غيرُ مأْمونٍ ، فكونوا معي ، فإِذا دخلتُ إِليه فاجلِسوا على البابِ ، فإِن سمعتم صوتي قد علا فادخُلوا عليه لتمنعوه منِّي.
فصارَ الحسينُ عليهالسلام إلى الوليدِ فوجدَ عندَه مروانَ بنَ الحكمِ ، فنعى الوليدُ إِليه معاويةَ فاسترجعَ الحسينُ عليهالسلام ، ثم قرأ كتابَ يزيدَ وما أمرَه فيه من أخذِ البيعةِ منه له ، فقالَ له الحسينُ : «إِنِّي لا أراكَ تَقنعُ ببيعتي ليزيدَ سرّاً حتّى أُبايعَه جهراً ، فيعرف الناسُ ذلكَ » فقالَ الوليدُ له : أجل ، فقالَ الحسينُ عليهالسلام : «فتصبحُ وترى ريكَ في ذلكَ » فقالَ له الوليدُ : انصرفْ على اسمِ اللّهِ حتّى تأْتينا معَ جماعةِ النّاسِ. فقالَ له مروانُ : واللهِ لئن فارقَكَ الحسينُ السّاعةَ ولم يُبايعْ لا قَدرت منه على مثلِها أبداً حتّى يكثرَ القتلى بينَكم وبينَه ، احبسِ الرّجلَ فلا يخرج من عندِكَ حتّى يبايعَ أوتضربَ عنقَه. فوثبَ عندَ ذلكَ الحسينُ عليهالسلام وقالَ : «أنتَ ـ يا ابنَ الزّرقاءِ ـ تَقتلني أو هو؟! كذبتَ واللّهِ وأثمتَ » وخرجَ (يمشي ومعَه ) (١) مواليه حتّى اتى منزلَه.
فقالَ مروان للوليد ِ: عصيتَني ، لا واللهِ لا يُمكِّنكَ مثلَها مِن نفسِه أبداً ، فقالَ الوليدُ : (الويح لغيرك ) (٢) يا مروانُ إِنَّكَ اخترتَ لي الّتي فيها هلاكُ ديني ، واللّهِ ما أُحِبُّ أنّ لي ما طلعتْ عليه الشّمسُ وغربتْ عنه من مالِ الدُّنيا وملكِها وأنّي قتلتُ حسيناً ، سبحانَ اللهِّ! أقتلُ حسيناً أنْ
__________________
(١) في هامش «ش» و «م» : فمشى معه.
(٢) في هامش «ش» و «م» : ويح غيرك ، وما أثبتناه من «ش» و «م» و «ح». قال العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ٣٦٠ : قال هذا تعظيماً له ، أي لا اقول لك ويحك بل أقول لغيرك.