ودَخَلَ علينا داخلٌ فانْقَطَعَ الكلامُ ، فقُمْتُ مُفكِّراً ومَضَيْتُ إِلى مَنْزلي فأخْبَرْتُ أخي فقالَ : ما أدْري ما أقُولُ في هذا ، وشَحَحْتُ به ونَفِسْتُ على الناسِ ببيعهِ ، وأمْسَيْنا فلمّا صَلَّيْتُ العَتَمةَ جاءني السائس فقالَ : يا مولاي ، نَفَقَ فَرَسُك الساعةَ ، فاغْتَمَمْتُ وعَلِمْتُ أنَّه عَنى هذا بذلك القولِ. ثَم دَخَلْتُ على أبي محمد عليهالسلام بعدَ أيام وأنا أقولُ في نفسي : لَيْتَه أخْلَفَ عليًٌ دابّةً ، فلمّا جَلَسْتُ قالَ قَبْلَ أنْ أُحَدِّثَ (١) بشيء : «نعَمْ نُخْلف عليك ، يا غلامُ أعْطِهِ برذوني الكميت » ثمَّ قالَ : اهذا خَيْرٌ من فرسِك وأوْطَأ وأطْوَلُ عُمراً» (٢).
وبهذا الإسنادِ قالَ : حدَثَني محمدُ بن الحسن بن شمّون قالَ : حدَثَني أحمدُ بن محمد قالَ : كَتَبْتُ إِلى أبي محمد عليهالسلام حينَ أخَذَ المهتدي في قَتْلِ الموالي (٣) : يا سيدي ، الحمدُ للهِ الذي شَغَلَه عنّا ، فقد بَلَغَني أنّه يَتَهدَدُك ويقولُ : واللهِ لأجلِّيَنَّهم عن جَدَد (٤) الأرضِ. فوَقَّعَ أبومحمد عليهالسلام بخطٌه (٥) : «ذلك أقْصَرُ لعُمرِه ، عُدَّ من يومِك هذا خمسةَ أيّامٍ ، ويقتَلُ في اليوم السادس بَعْدَ هَوانٍ واستخفافٍ يَمرٌ به » وكانَ كما قالَ عليهالسلام (٦).
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : اتحدث.
(٢) الكافي ١ : ٤٢٧ / ١٥ ، اعلام الورى : ٣٥٢ ، الخرائج والجرائح : ١ : ٤٣٤ / ١٢ ، ثاقب المناقب : ٥٧٢ / ٥١٦ ، وذكره مختصراً المسعودي في اثبات الوصية : ٢١٥ ، وابن شهرآشوب في مناقب آل ابي طالب ٤ : ٤٣٠ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار ٥٠ : ٢٦٧.
(٣) في هامش «ش» : أي موالي نفسه.
(٤) في «م» وهامش «ش» : جديد. وفي «ش» هامش آخر: جديد الارض أي ظهرها.
(٥) قتل المهتدي يوم الثلاثاء لاربع عشر بقين من رجب سنة ٢٥٦ ، فتوقيع الامام كان في ٨ رجب سنة ٢٥٦.
(٦) الكافي ١ : ٤٢٧ / ١٦ ، اعلام الورى : ٣٥٦ ، ومختصراً في مناقب آل ابي طالب ٤ : ٤٣٦ ،