فصرعَه ، فقالَ مسلمٌ : نقتلُ عدوَّنا إِن شاءَ اللهُّ. ثمّ أَقبلَ حتّى دخلَ الكوفةَ ، فنزلَ في دار المختارِ بنِ أَبي عُبَيْدٍ ، وهي الّتي تدعى اليومَ دارَ سَلْمِ بنِ المسيَّب. وَأَقبلتِ الشِّيعةُ تختلفُ إِليه ، فكلما اجتمعَ إِليه منهم جماعةٌ قرأَ عليهَم كتابَ الحسينِ بنِ عليٍّ عليهماالسلام وهم يبكونَ ، وبايعَه النّاسُ حتّى بايَعَه منهم ثمانيةَ عشرَ أَلفاً ، فكتبَ مسلمٌ رحمهالله إِلى الحسينِ عليهالسلام يُخبرهُ ببيعةِ ثمانيةَ عشرَأَلفاً ويأْمرُه بالقدوم. وجعلت الشِّيعةُ تختلفُ إِلى مسلمِ بنِ عقيلٍ رضيَ اللهَّ عنه حتّى عُلِمَ مكانُه (١) ، فبلغَ النُّعمانَ بنَ بشيرٍ ذلكَ ـ وكانَ والياً على الكوفةِ من قِبَلِ معاويةَ فأقرَّه يزيدُ عليها ـ فصعدَ المنبرَ فحمدَ اللّهَ وأثنى عليه ثمّ قالَ :
أمّا بعدُ : فاتّقوا اللّهَ ـ عبادَ اللّه ـ ولا تُسارعوا إِلى الفتنةِ والفُرقةِ ، فإِنّ فيها يَهْلِك الرِّجالُ ، وتُسْفَكُ الدِّماءُ ، وتُغْتَصَبُ (٢) الأَموالُ ، إِنّي لا أُقاتلُ من لا يُقاتلني ، ولا آتي على من لم يأْتِ عليَّ ، ولا أُنبِّهُ نائمَكم ، ولا أتحرّشُ بكم ، ولا آخُذُ بالقَرْفِ (٣) ولا الظِّنّةِ ولا التُّهمةِ ، ولكنَّكم إِن أبديتم صفحتَكم لي ونكثتم بيعتَكم وخالفتم إِمامَكم ، فوَاللّهِ الّذي لا إِلهَ غيرُه ، لأضربَنَّكم بسيفي ما ثبتَ قائمهُ في يدي ، ولو لم يكنْ لي منكم ناصرٌ. أما إِنِّي أرجو أن يكونَ من يعرفً الحقَّ منكم أَكثرَ ممّن يُرديه الباطلُ.
فقامَ إِليه عبدُاللّه بن مسلمِ بن ربيعةَ الحضرميّ ، حليف بني أُميّةَ ،
__________________
(١) في هامش «ش» : بمكانه.
(٢) في هامش «ش» : وتغصب.
(٣) القرف : التهمة «الصحاح ـ قرف ـ ٤ :١٤١٥».