النُّعمانُ من شَرَفٍ فجعلَ يُكلِّمُه ، فقالَ : افتحْ لا فَتَحْتَ (١) ، فقد طالَ ليلكَ. وسمعَها إِنسانٌ خلفَه فنكصَ إِلى القوم الّذينَ اتّبعوه من أهلِ الكوفةِ على أَنّه الحسينُ فقالَ : أيْ قوم! ابن مَرْجَانةَ والّذي لا إِلهَ غيرهُ. ففتحَ له النُّعمانُ ودخلَ وضربوا البابَ في وُجوهِ النّاسِ فانْفَضُّوا.
وأصبحَ فنادى في النّاسِ : الصّلاةُ جامعةٌ. فاجتمعَ النّاسُ ، فخرجَ إِليهم فحمدَ اللهَّ وأثنى عليه ثمّ قالَ :
أَمّا بعدُ : فإِنّ أَميرَ المؤمنينَ وَلاَّني مِصرَكم وثَغْرَكم وفيئكم ، وأمرَني بإِنصافِ مظلومِكم وإِعطاءِ محرومكم ، والأحسانِ إِلى سامعِكم ومُطيعِكم كالوالدِ البر ، وسوطي وسيفي على من تركَ أمري وخالفَ عهدي ، فليُبقِ (٢) امرؤٌ على نفسِه؛ الصِّدقُ يُنبي عنك (٣) ، لا الوعيدُ.
ثمّ نزلَ فأَخذَ العُرَفاءَ (٤) والنّاسَ (٥) أخذاً شديداً فقالَ : اكتُبوا إِلى
__________________
(١) قال العلامة المجلسي في البحار ٤٤ : ٣٦١ : لا فتحت دعاء عليه أي لا فتحت على نفسك باباً من الخير.
(٢) في هامش «ش» و «م» : فليتق.
(٣) في هامش «ش» و «م» : ينبي عنك ـ بغيرهمز ـ أي يدفع عنك من النبوة ، ويمكن أن يكون من النبأ الخبر اي الصَدق يخبر عنك بالحقيقة. والأول سماع والثاني قياس.
وقال الجوهري في الصحاح ـ نبا ـ ٦ : ٢٥٠٠ : في المثل : «الصدق ينبي عنك لا الوعيد» أي ان الصدق يدفع عنك الغائلة في الحرب دون التهديد. وقال أبو عبيد : هو ينبي بغيرهمز. ويقال : أصله الهمزمن الانباء أي ان الفعل يخبرعن حقيقتك لا القول.
وقد نقل ابن منظور في لسان العرب : ١٥ / ٣٠٢ هذا الكلام ناسباً إيّاه الى التهذيب وهو اشتباه والصحيح انه عن الصحاح.
(٤) العرفاء : جمع عريف ، وهو القائم بامور جماعة من الناس يرفعها الى السلطان ، وعمله العِرافة «مجمع البحرين ـ عرف ـ ٥ : ٩٧».
(٥) في «ش» : بالناس.