فلمّا قرأ عُبيدُاللّهِ الكتابَ قالَ : هذا كتابُ ناصحٍ مشفق على قومِه. فقامَ إِليه شِمْرُ بنُ ذي الجَوْشنِ فقالَ : أتَقبلُ هذا منه وقد نزلَ بأرًضِكَ والى جنبكَ؟ واللّهِ لئن رحلَ من بلادِكَ ولم يَضَعْ يدَه في يدِكَ ، لَيكونَنَّ أولى بالقَوّةِ ولتكونَنَّ أولى بالضَّعفِ والعجز ، فلا تُعْطِه هذه المنزلةَ فإِنّها منَ الوَهْنِ ، ولكن لِينَزِلْ على حُكمِكَ هو وأصحابُه ، فان عاقبْتَ فأنت (أَولى بالعقوبةِ ) (١) وإن عفَوْتَ كانَ ذلكَ لك.
قالَ له ابنُ زيادٍ : نِعْمَ ما رأيتَ ، الرأيُ رأيُك ، اخْرجُ ، بهذا الكتاب إِلى عُمَر بن سعدٍ فلْيَعْرِضْ على الحسينِ وأصحابه النًّزولَ على حُكْمِي ، فإِن فَعَلوا فليَبْعَثْ بهم إِليّ سِلماً ، وأن هم أًبَوْا فليقاتلْهم ، فإِن فَعَلَ فاسمعْ له وأطِعْ ، واِن أبى أن يقاتِلَهم فأنتً أَميرُ الجيشِ ، واضرِبْ عُنقَه وابعثْ إِليَّ برأسِه.
وكتبَ إِلى عمر بن سعدٍ :انِّي لم أبعثْكَ إِلى الحسينِ لتكفَّ عنه ولا لتُطاوِلَه ولا لتمنّيَه السّلامةَ والبقاءَ ولا لتَعتَذِرَ له ولا لتكونَ له عندي شافعاً ، انظرْ فإِن نزلَ حسينٌ وأصحابُه على حكمي واستسلموا فابعثْ بهم إِليَّ سِلْماً ، وِان أبوْا فازحَفْ إِليهم حتّى تقتُلَهم وتُمثِّلَ بهم ، فإِنّهم لذلكَ مستحقُّونَ ، وِان قُتِلَ الحسينُ فأوْطئ الخيلَ صدرَه وظهرَه ، فإِنّه عاتٍ ظلومٌ ، وليس أَرى أنّ هذا يَضُرُّ بعدَ الموتِ شيئاً ، ولكنْ عليّ قولٌ قد قلتُه : لوقتلتُه لفعلتُ هذا به ، فإِن أنتَ مضيتَ لأَمرِنا فيه جزَيْناكَ جزاءَ السّامعِ المطيعِ ، وإن أبيتَ فاعتزلْ عَمَلَنا وجُنْدَنا ، وخلِّ
__________________
والنسخ خالية منه.
(١) في هامش «ش» : وليّ العقوبة.