الصّيحةَ (١) فدنَتْ من أَخيها فقالت : يا أخي أما تسمعُ الأصواتَ قدِ اقتربتْ؟ فرفعَ الحسينُ عليهالسلام رأسَه فقالَ : «إِنِّي رأيتُ رسولَ اللّهِ صلىاللهعليهوآله السّاعةَ في المنام (٢) فقالَ لي : إِنّكَ تَرُوحً إِلينا» فلطمتْ أُختُه وجهَها ونادتْ بالويلِ ، فقَالَ لها : «ليسَ لكِ الويلُ يا أُخيَّةُ ، اسكتي رحمَكِ اللّهُ » وقالَ له العبّاسُ بنُ عليٍّ رحمةُ اللّهِ عليه : يا أخي أتاكَ القومُ ، فنهضَ ثمّ قالَ : «يا عبّاسُ ، اركَبْ ـ بنفسي أنتَ يا أخي ـ حتّى تَلْقاهم وتقولَ لهم : ما لكم وما بَدا لكم؟ وتسألَهم عمّا جاءَ بهم ».
فأتاهم العبّاسُ في نحوٍ من عشرينَ فارساً ، منهم (٣) زُهَيرُ بن القَيْنِ وحبيبُ بنُ مظاهِرٍ ، فقالَ لهم العبّاسُ : ما بدا لكم وما تريدونَ؟ قالوا : جاءَ أًمرُ الأميرِأَن نَعْرضَ عليكم أن تنزلوا على حكمِه أَو نناجِزَكم ؛ قالَ : فلا تعجلوا حتّىَ أَرجعَ إِلى أبي عبدِاللهِّ فأعرِضَ عليه ما ذكرتم ، فوقفوا وقالوا : الْقَه فأعْلِمْه ، ثمّ الْقَنا بما يقولُ لكَ. فانصرفَ العباسُ راجعاً يركضُ إِلى الحسينِ عليهالسلام يخبرُه الخبرَ ، ووقفَ أَصحابُه يخاطِبونَ القومَ ويَعِظُونَهم ويكفّونَهم عن قتاَلِ الحسينِ.
فجاءَ العبّاسُ إِلى الحسينِ عليهالسلام فأخبرَه بما قالَ القومُ ، فقالَ : «ارجعْ إِليهم فإِنِ استطعتَ أَن تُؤَخِّرَهم إِلى الغُدْوَةِ (٤) وتَدْفَعَهم
__________________
(١) في «م» وهامش «ش» : الضجّة.
(٢) في «م» وهامثر «ش» : منامي.
(٣) في «م» وهامش «ش» : فيهم.
(٤) في «م» وهامش « ش » : غدوة.