واعطى الرّايةَ دُرَيداً (١) مولاه.
فروِيَ عن عَليِّ بنِ الحسينِ زينِ العابدينَ عليهالسلام أنّه قالَ : «لمّا صبّحتِ الخيلُ الحسينَ رَفَعَ يديه وقالَ : اللّهَمّ أنتَ ثِقَتي في كلِّ كَرْبِ ، ورجائي في كلِّ شدّةٍ (٢) وأنتَ لي في كلِّ أمر نزلَ بي ثقةٌ وعُدَّة ، كمَ مِنْ هَمٍّ يَضْعُفُ فيه الفؤادُ ، وتَقِلُّ فيه الحيلةُ ، ويخذُلُ فيه الصّديقُ ، ويَشمَتُ فيه العدوُّ ، أنزلتُه بكَ وشكوتُه إِليكَ رغبةً منِّي إِليكَ عمَّن سواكَ ، ففرَّجْتَه وكشفْتَه ، وأنتَ وليُّ كلِّ نعمةٍ ، وصاحبُ كلِّ حسنةٍ ، ومُنتهَى كلِّ رغبةٍ» (٣).
قالَ : وأقبلَ القومُ يَجولونَ حولَ بيوتِ الحسينِ عليهالسلام فيَروْنَ الخندقَ في ظهورِهم والنّار تَضْطَرِمُ في الحَطَب والقَصب الّذي كانَ أُلقِيَ فيه ، فنادى شمرُ بنُ ذي الجوشنِ عليه الَلعنةُ بأعلَى صوته: يا حسينُ أتعجّلتَ النّارَ قبلَ يوم القيامةِ؟ فقالَ الحسينُ عليهالسلام : «مَنْ هذا؟ كأنّه شمرُ بنُ ذي الجَوشنِ » فقالوا له : نعم ، فقالَ له : «يا ابنَ راعيةِ المِعْزَى ، أنتَ أولى بها صلِيّاً».
ورَامَ مسلمُ بنُ عَوسَجَةَ أنِ يرميَه بسهمٍ فمنعَه الحسينُ من ذلكَ ، فقالَ له : دعْني حتّى أرميَه فإنّ الفاسقَ من عظماءِ الجبّارينَ ، وقد أمكنَ اللّهُ منه. فقالَ له الحسينُ عليهالسلام : «لا تَرْمِه ، فإِنِّي أكرهُ أن أبدأهم ».
__________________
(١) في هامش «ش» و «م»نسختان : ١ / دُوَيداً ، ٢ / ذوَيداً. وكذا في المصادر.
(٢) في هامش «ش» : شديدة.
(٣) تاريخ الطبري ٥ : ٤٢٣ ، ونقله العلامة المجلسي في البحار٤٥ : ٤.