وذكر الباخرزي لقبا مهما للمجاشعي في دمية القصر (١) هو (شاعر الحرمين) ، كما ذكر أنه قصد الحضرة النظامية من مكة ، سنة ثلاث وستين وأربعمئة.
وكانت إحدى محطاته العلمية أيضا (نيسابور) ، فقد ذكر تلميذه عبد الغافر الفارسي (٢) أنه" ورد نيسابور في سني نيف وستين وأربعمئة (٣) ، وعاد إلى نيسابور سنة سبعين وأربعمائة" (٤). أي أن المجاشعي دخلها مرتين ، مرة في الذهاب ومرة في العودة.
في المرتين اللتين دخلهما تتلمذ على يديه عدد من طلبة العلم ، وهذا ما أكده تلميذه عبد الغافر في معرض حديثه عن الإمام أبي المعالي الجويني (٥) ، قال (٦) : " ولقد سمعت الشيخ أبا الحسن علي بن فضّال بن علي المجاشعي النّحوي القادم علينا سنة تسع وستين وأربعمائة ، يقول : وقد قبله الإمام ، وقابله بالإكرام وأخذ في قراءة النّحو عليه والتلمذة له ، بعد أن كان إمام الأئمة في وقته ، وكان يحمله كل يوم إلى داره ويقرأ عليه كتاب (إكسير الذهب في صناعة الأدب) ـ من تصنيفه ـ فكان يحكي يوما ويقول : ما رأيت عاشقا للعلم ـ أي نوع كان ـ مثل هذا الإمام ، فإنّه يطلب العلم للعلم".
وفي رواية أخرى غريبة تتنافى ومكانة العالمين الجليلين (الجوينيّ والمجاشعيّ) أوردها القفطي (٧) ، قال : " لما دخل أبو الحسن علي بن فضّال النّحوي نيسابور اقترح عليه الأستاذ أبو المعالي الجويني أن يصنف باسمه كتابا في النّحو ، فصنفه وسماه (الإكسير) ووعده بأن يدفع إليه ألف دينار ، فلمّا صنفه وفرغ منه ابتدأ بقراءته عليه ، فلمّا فرغ من القراءة انتظر أياما أن يدفع إليه
__________________
(١) بنظر دمية القصر : ١٧٤.
(٢) هو أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي (ت ٥٢٩ ه). ينظر ترجمته في : سير أعلام النبلاء : ٢ / ١٤٩ ، وشذرات الذهب : ٤ / ٩٣.
(٣) وفي رواية لعبد الغافر الفارسي في طبقات الشافعية : ٥ / ١٧٩ يقول : " ولقد سمعت الشيخ أبا الحسن علي ابن فضّال المجاشعي النحوي القادم علينا سنة تسع وستين وأربعمائة".
(٤) المنتخب من كتاب السياق لتاريخ نيسابور : ١ / ٣١٩ ، و ١ / ٤٣٢.
(٥) هو عبد الملك بن يوسف أبو المعالي الجويني الفقيه الشافعي ، المعروف بإمام الحرمين ، ولد بجوين من قرى نيسابور ، وتفقه على والده وسمع بالبلاد ، وحج وجاور ، ثم عاد إلى نيسابور ، ودرس بها ثلاثين سنة ، وصنف في الكلام كتبا كثيرة (ت ٤٧٨ ه). ينظر ترجمته في : طبقات الشافعية : ٥ / ١٧٤.
(٦) طبقات الشافعية : ٥١٧٩.
(٧) إنباه الرواة : ٢ / ٣٠٠ ـ ٣٠١ ، وينظر سير أعلام النبلاء : ١٨ / ٥٢٨.